تصنيفات المقال:
الآداب والأخلاق
تاريخ النشر: 19 رجب 1436هـ الموافق 7 مايو 2015م
عدد الزيارات: 6879
الغيرة : هي حمية القلب وهيجانه عند مزاحمته فيما يختص به .
لذلك تجد الرجل إذا أحب امرأته وتعلق بها فلو علم أن هناك رجلاً آخر يزاحمه على محبة هذه المرأة فإنه يكاد يقتله أو إن عجز على مثل هذا يقتله الغم ، لحصول مزاحمة لما اختص به القلب من محبة هذه المرأة أو محبة هذا الشيء عمومًا .
الغيرة في حق العباد نوعان والعذر نوعان والمدح نوعان :هناك غيرة محمودة وأخري مذمومة وعذر محمود وعذر مذموم ومدح محمود ومدح مذموم هذا كله فيما يتعلق بالعباد بخلاف ربنا سبحانه وتعالي فإن له الأسماء الحسنى والصفات العلي كل أسماءه حسنى وكل أفعاله حكمة .
نتكلم عن الغيرة في حق بني أدم ولي قصد في هذا ليتضح المقال ، في مسألة الغيرة المحمودة والغيرة المذمومة :هناك حديث صحيح أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم من حديث جابر ت قال فال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ( إن من الغيرة غيرةً يحبها الله وغيرةً يبغضها الله ، فأما الغيرةُ التي يحبها الله فهي الغيرةُ في ريبة أما الغيرةُ التي يبغضها الله سبحانه وتعالي فهي الغيرةُ في غير ريبة ) .
في صحيح مسلم كما في حديث جابر بن عبد الله ت أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- (قال أو نهي أن يطرق الرجل أهله ليلاً ليتخونهم أو ليلتمس عثراتهم )وهذا الحديث حديث جابر رواه البخاري أيضًا لكنني عزوت هذا السياق إلى مسلم ،لأن سفيان الثوري أحد رواة هذا الحديث شك في آخر الحديث وهو ( أن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم ) أي أن سفيان الثوري لا يدري الذي قال ( أن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم ) أهذا من جملة كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- أم شيء قاله محارب بن دِثار يعلل به النهي عن أن يطرق الرجل أهله ليلاً (أي يأتي بالليل) إنما البخاري رحمه الله لما شك سفيان الثوري في هذه الجملة لم يخرج هذه الجملة إنما خرج الحديث من طريق شعبة بن الحجاج واقتصر على أول الحديث وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم-( نهي على أن يطرق الرجل أهله ليلاً
الأسباب التي من أجلها نُهِيَ الرجل عن طرق أهله ليلاً:
السبب الأول: حتى تستعد المرأة للقاء زوجها لا سيما إذا كان الرجل مسافرًا وهذا كانت عادة عند النبي -عليه الصلاة والسلام -كان إذا جاء من سفر لا يذهب إلى أهله مباشرة إنما ينزل المسجد فيصلى ركعتين ويُنذِر أهله أنه قدم ولذلك النبي -صلي الله عليه وسلم- في حديث جابر ت أيضًا يقول: ( حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة ) أي أن المرأة تهيئ نفسها للقاء زوجها ، بعض الناس يقول أنا أجعلها مفاجأة ويكون متغيب في السفر منذ شهور طويلة ثم يصل فجأة دون أن يخبرهم بساعة وصوله .
فربما تدخل فتجد المرأة في ثياب المهنة أو غير مستعدة أو غير ذلك أو قد يقع نظرك على شيء قبيح أو شيء لا تحبه فيحدث نفرة بين الرجل وامرأته.
السب الثاني: المعني الذي ذكره سفيان الثوري وشك فيه أن الرجل قد يدخل على زوجه في حاله غير مرضيه .
وفي حديث جابر أيضًا أن عبد الله بن رواحه- ت -(دخل على امرأته وإذا شخصٌ آخر معها ) وكان عبد الله بن رواحه معه السيف فدخل بسرعة ليقتل المرأة لأنه ما الذي أدخل الرجل إلى بيته فقالت المرأة له (كف إنما هي امرأة أخري جاءت تمشطني) فمثل هذا قد يجعل الرجل يسيء الظن فربما ينظر فيجد شيء ويمكن أن لا يدخل البيت والمرأة التي معها تنصرف فقد وقع في قلب الرجل أن رجلاً كان مع المرأة وهذا نوع من إساءة الظن وبه ستنفض العشرة لذلك الرسول عليه الصلاة والسلام إنما نهي أن يطرق الرجل امرأته ليلاً ، لأنه ربما يكون هناك شيء قد يفهم خطأً .
إنكار البعض لحديث رسول الله-صلي الله عليه وسلم - ورد الشيخ حفظه الله عليه:
بعض الناس كان ينكر هذا الحديث (قال أو نهي أن يطرق الرجل أهله ليلاً ليتخونهم أو ليلتمس عثراتهم )ويقول أن النبي -صلي الله عليه -وسلم يتستر على الفواحش ويأمرنا أن نتستر على الفواحش أي لا أقول للمرأة حتى إذا كان معها رجلاً آخر تخرجه ،
رد الشيخ حفظه الله: لا يقول هذا إلا إنسان مختل في الفهم أو مريض القلب لأن هذا الحديث له معني مستقيم .فينبغي إذا كان هناك معني مستقيم للحديث ألا يخرج عنه قط لا سيما أنه لم ينص أحدًا قط من أهل العلم إطلاقًا على هذا المعني الذي خطر على بال هذا الإنسان المريض القلب أو المختل في الفهم .
من الغيرة المذمومة:
أن يتخون الرجل امرأته أو أن يلتمس عثراتها أو يضع لها كاميرا تسجل أو يضع الموبايل الذي يسجل بالساعات في مكان معين يصور المرأة صوت وصورة ويسجل ساعتين أو ثلاثة وغير ذلك بحيث عندما يعود يرى من كلمته وماذا تعمل ، إذا لم يكن هناك ثمة ريبة يحرم على الرجل أن يلتمس عثراتها .
من الغيرة المحمودة:
أن يغار الرجل في ريبة أو ظهر من المرأة أشياء أو غير ذلك فكوني أحافظ على عرضي فهذا شيء يحبه الله أما في غير ريبة فهذا شيء يكرهه الله ،.
اختلاف غيرة الرجل عن غيرة المرأة:
وغيرة الرجل تختلف عن غيرة المرأة ، غيرة الرجل أشد وأنكي من غيرة المرأة لأن غيرة الرجال تكون قوية لأن الرجل منوط به أن يحفظ العرض وليس العكس ، مطلوب من الرجل أن يحمي المرأة وليس مطلوب من المرأة أن تحمي الرجل ولذلك الرجل لا يحتاج إلى محرم في سفره والمرأة تحتاج إلى محرم كما قال -صلي الله عليه وسلم-( لا يحل لأمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم منها ) فكلمة لا يحل: أي يحرم على المرأة أن تسافر
حجة بعض الناس في سفر المرأة بغير محرم ورد الشيخ علي ذلك :
بعض الناس يقول أن المرأة إذا بلغت سن الخامسة والأربعين لا تحتاج إلى محرم وبعض الناس بلغني أنه في السعودية لا يشترطون المحرم بعد الخمسة وأربعين سنة ، فلماذا ؟ وما هي العلة ألا تسافر المرأة إلا مع محرم ؟ هل العلة هي فتنة المرأة فقط ؟ أن تكون المرأة جميلة فتكون مطمعًا وهي شابة لا تسافر وهي كهل بلغت أو قاربت الكهولة فضلاً على أن تكون امرأة عجوزًا فهل هذه يباح لها أن تسافر بدون محرم ؟ على العكس المرأة كلما علا سنها وارتفع احتاجت إلى محرم أكثر منها وهي شابة ، لأن المرأة الشابة فيها شباب فتوة إذا أراد أحد أن يعتدي عليها تستطيع أن تدافع عن نفسها ، ربما لا تستطيع أن تقدر على الرجل المعتدي لقوته ولكنها في الآخر تستطيع أن تفر منه .
لكن المرأة إذا كانت عجوزًا أو كانت ضعيفة فما حيلة هذه المرأة ؟ فلا تقول أن المرأة التي بلغت الكهولة أو المرأة العجوز لا فتنة فيها وهذا الكلام غير حقيقي .
كما قال الشافعي في مثل هذا المعني قال:
لكل ساقطةٍ في الأرض لاقطةٌ ** وكل نافقةٍ يومًا لها سوقُ
أي كل بضاعة في السوق لها مشترٍ ، أنت ربما تمر على بضاعة فتنفر منها ولا تنظر إليها ،لأنها سيئة للغاية ، هذه البضاعة هناك أناس ينتظرونها أما لأنها تعجبهم لفساد ذوقهم أو لأنهم فقراء لا يقدرون إلا على ذلك .فلا توجد بضاعة كاسدة أبدًا .
فمن أدراك إذا بلغت المرأة هذا السن ، فلا يجوز للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم سواء كانت شابة أو سواء كانت كبيرة .
ولأن المرأة كما قال عمر بن الخطاب ت ( النساء لحمٌ على وضم إلا ما ذُبَ عنه ) المرأة التي ليس لها محرم مطمع لكل إنسان والمرأة التي محرمها ضعيف لا يستطيع أن يحميها تكون مطمع .
فمتى تكون المرأة مصونة العرض؟
إذا كان وراءها رجال .عمر بن أبي ربيعة الشاعر المعروف كان رجلاً ماجنًا تعرض لامرأة في الحج فقالت له اتق الله أنت في حرم الله وغير ذلك ومع ذلك الرجل لم يرتدع فذهبت وأتت بزوجها وهو كان ينظر هل المرأة بمفردها أم لا فوجد زوجها معها فتركها وجلس في جانب آخر.
فقالت المرأة بيتاً للنابغة الذبياني:
تعدو الذئابُ على من لا كلابَ له ** وتتقي مِربَص المستسفر الحامي
فالمرأة صارت في مأمن وبالرغم من أن عمر بن ربيعة هذا ذئب يختلس اللحظة حتى ينقض على الفريسة ، لكن هذا الذئب إذا وجد كلب الغنم يقف في جانب لا يقر والمستسفر الحامى - كلب الغنم -والمستسفر: الذي يضع ذيله بين فخذيه وهو جالس على مقعدته لكن ذيله كله أمامه وليس للخلف الحامي كلب الغنم شرس. فالمرأة قالت هذا البيت إشارة إلى أن عندها حماية ، وهذا لما وجد معها زوجها تركها وذهب .
وعمر بن الخطاب يقول: (النساء لحمٌ على وضم إلا ما ذُبَ عنه)إلا إذا كان هناك من يدافع عنها ، ومعني لحم على وضم ، (الوضم) الخشبة الكبيرة التي عند الجزار الذي يقوم بتقطيع اللحم عليها فعندما يكون هناك لحم موضوع على هذه الخشبة فيكون هذا اللحم كلأ مباح ,من أراد أن يشتري منها يشتري.أي أن النساء (النساء لحمٌ على وضم إلا ما ذُبَ عنه)إلا إذا كان فيه حماية للنساء .
نسأل الله سبحانه تعالي أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ماجهلنا, وأن يجعل ما أقوله لكم زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتادا إلي يمن القدوم عليه, إنه بكل جميل كفيل, وهو حسبنا ونعم الوكيل, و_صلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد, والحمد لله رب العالمين.
اللهم اشف شيخنا شفاءا لا يغادر سقما.
* * *