تصنيفات المقال:
الردود والتعقيبات
تاريخ النشر: 25 جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 15 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 5640
اتهام الشيخ الحويني حفظه الله بأنه جهمي ورده على هذه الفرية.
الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثتاء الجميل، وأشهد إلا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمد عبده ورسول صلى الله عليه و سلم.
هنالك أيضًا فرية أخرى وقد نبهت عليها في مقدمة كتاب لي مطبوع هو: (كتاب الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج) لجلال الدين السيوطي رحمه الله.
وهذه الفرية رغم الكلام الواضح فيها إلا أن هناك من ينشرها ولا أدري لمصلحة من؟
هذا المتكلم أيريد أن يكون هو الوحيد المتكلم؟ وكل الناس لا يفهمون؟ وكل الناس لا يعقلون؟ هذا لا يسر أحدًا. إذا كان العالم فىي بلد فريدًا وحيدًا حق له أن يبكي بكاء الثكلى، لأن تفرده محنة ومصيبة. سفيان بن عيينه رحمه الله في بعض مجالسه قال: "أفيكم أحد من أهل الشام؟ فقالوا نعم، قال: ما فعل الوليد بن مسلم؟ قالوا: مات. قال: أفيكم أحد من أهل البصرة؟ قالوا نعم، قال ما فعل فلان... مات، أفيكم أحد من أهل الكوفة؟ قالوا: نعم، قال ما فعل فلان... قالوا مات، أفيكم أحد من نيسابور؟ قالوا نعم، ما فعل؟ فلان قالوا مات.
فحين إذن بكى سفيان وقال:
خلت الديار فسدت غير مسود ومن الشقاء تفرد بالسؤدد
من الشقاء أن يبقى هو الوحيد يتفرد بهذا السؤدد، يسعد أي طالب علم أن يرى الدنيا كلها طلاب علم. لكن عندما يخطأ فلان على فرض أنه أخطأ، فيرمونه بسهام الملام ويسعون إلى مواراته تمامًا بين أطباق الثرى. هذا يسر من؟ إذا لم يكن لهذه الأمة رؤوس صاروا غلمانًا بلا رؤوس.
القصة تتعلق بمقطع من كتاب للإمام (عبد العزيز بن يحيى الكناني) وهي قضية علمية ستستفيدون منها إن شاء الله.عبد العزيز الكناني له كتاب اسمه (الحيدة) إذا صح هذا الكتاب عنه. والحيدة هذه عبارة :عن مناظرة جرت بينه و بين ابن أبي داود الذي كان يتبنى مذهب (الجهمية) بقوة الدولة آن ذاك. وحدثت بعض المناقشات ومن ضمن هذه المناقشات قال المأمون يا عبد العزيز: أتقول إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر؟
فقال: يا أمير المؤمنين لا أقول إلا ما في التنزيل، (القرآن). ليس فيه له بصر وله سمع إنما سميع بصير.
فجاءني وأنا في جدة طالب يقول لي: ما تقول في قول عبد العزيز الكناني: أتقول إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر؟
فقلت: كلام عبد العزيز له وجه (يمكن أن يوجه). ثم انقطع الكلام والتقيت ببعض إخواني وسلمت عليهم وتصافحنا ونسيت الموضوع. لأن هو كما ننهي الدروس يأتي طلاب العلم يسألون. فأخذ صاحبنا الذي لا يحسن الفهم هذه المقالة وذهب لشانئ كاره وقال له: نعم إنه يقول كلام عبد العزيز صحيح. يعني سميع بلا سمع، بصير بلا بصر.
خرج صاحبنا وأتى بكتب وعلى ما خرجت من المسجد كانت مرت ربع ساعة تقريبًا. وإذا برجل معه جزء من فتاوى ابن تيمية وقال لصاحبي الذي يصطحبني أنا أريد أن أقرأ لفلان كلام لشيخ الإسلام. وكان طلاب العلم إذ ذاك سألوني أن أقرأ عليهم كتابًا في الحديث، فلما قال لي صاحبي ومرافقي أن فلانًا يريد أن يقرأ عليك، ظننت أنه يرد أن يقرأ عليّ كتاب حديث، فقلت له إني متعب ولا داع فلنجعلها مرة أخرى، وانصرفنا.
هذا الرجل الذي أراد أن يقرأ عليّ، بالهاتف بلّغ الدنيا كلها، وسماني لهم: إن فلانًا يقول: إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر. و سألوا شيخنا الألباني وقتها ولم يفصحوا عن إسمي وليتهم أفصحوا، قالوا: يا شيخنا ماذا تقول فيمن يقول: إن الله سميع بلا سمع بصير بلا بصر. قال: هذا جهمي قبيح.
وأنا والله أقول: هو جهمي قبيح جدًا من يقول هذا الكلام.
وشاعت المقالة وأنا ليس عندي علم، كما كان حال عائشة رضي الله عنها خاض الناس شهرًا في حديث الإفك وهي لا تعلم شيئًا. فقال لي صاحبي في السيارة: وددت لو قرأ عليك حتى تزول الشبهة من عنده.
قلت: وأية شبهة؟ قال: إنه يقول: إنك تقول كذا وكذا.. فأسقط في يدي وقلت: إرجع بنا إلى المسجد.
رجعنا فما وجدناه، ذهبنا إلى بيته قالوا: ما أتى بعد. بدأنا نتابعه بالهاتف، قلت له: يا أبا محمد (صاحبي) أنقل عني أنني أقول: إن الله سميع بسمع، بصير ببصر. لأن الصفة لابد أن يكون لها محل، هذا كلام غير مفهوم هذا هو عين التعطيل أن أقول: سميع بلا سمع بصير بلا بصر، قدير بلا قدرة، عليم بلا علم!
هذا هو عين التعطيل، هذا يساوي أنه ليس بسميع ولا بصير ولا قدير ولا خبير.... هذا معنى الكلام وهذا هو قول الجهمية فعلًا.
لكني قصدت أن قول عبد العزيز الكناني له وجه في التأويل. ذلك أن عبد العزيز الكناني كان يجادل رجلًا، إذا أتى له بحديث قال: لا هذا حديث آحاد، لا الرواة ممكن أن يخطئوا، أتني من القرآن بدليل؟
فأراد عبد العزيز أن يثبت مقالته بالقرآن صرفًا، فلم يقل له أن عندي حديثًا يقول كذا وكذا حتى لا يعترض عليه هذا المعترض، فلجأ إلى طريقة أخرى في إقامة الحجة.
هذا الذي أردت أن أقوله، ليس دفاعًا عن عبد العزيز ولكن ينبغي حمل عقائد الناس من الكلام المجمل على الكلام المبين. كتاب الحيدة كله كتاب سلفي ينزه الله عز وجل و ليته صح أو أتمنى من كل قلبي أن يكون صحيحًا إلى عبد العزيز الكناني، لأنه فيه مناظرة رائعة أقام فيها الحجة على هذا الجهمى العنيد.فعبد العزيز الكناني في باب المناظرات وغيره قد يقول القول على أصول الخصم ولا يقول القول الذي يعتقده هو حتى يقطع هذا الخصم على أصله هو، و لذلك لا ينبغي أن تؤخذ عقائد الناس من المناظرات، لأن الناظرة ممكن أتنزل مع خصمي على أصله هو الذي لا أقره أنا حتى أبين له في كلامه وبأصوله أنه مخطئ، فإذا لم تتفطن لذلك نسبت إليّ ما لم أقوله، إنما قلته لأقطع ذلك الخصم.
فهذه فري قلتها قبل ذلك وأجبت عنها وأقولها الآن وأجيب عنها إعذارًا مني إلى الله تبارك وتعالى ورحمة بهؤلاء المتكلمين أن يلقوا الله عز وجل بالمظالم التي قال في مثلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس من لا متاع له ولا دينار ولا درهم. قال المفلس من جاء بصلاة و صدقة وحج و أتى وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم طرح فى النار» (صحيح ابن حبان).
أعوذ بالله وأعيذ سائر إخواني في الله تبارك وتعالى من حالة تقرب من مساخطه.