تصنيفات المقال:
الآداب والأخلاق
تاريخ النشر: 3 رجب 1436هـ الموافق 21 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 3193
إن وقود الانتماء هو الحب، وللمحبة علامات تقطع بها وجه كل دعي للمحبة وهو عار عنها، إن المحب لا إرادة له مع حبيبه، ولو صارت له إرادة مع حبيبه فإن هذا قدحٌ في دعوى محبته، وكل الناس لا ينكرون هذا المعنى، فإذا عدّلناه إلى أجلّ محبوبٍ وهو الله عز وجل رأيت دعوى عريضة، ورأيت الكاذبين يتلو بعضهم بعضاً في أمر لا ينكرونه بينهم.
إن من علامات المحبة: الغيرة للمحبوب. وعليه فلا أتصور حباً بلا غيرة، فإذا رحلت الغيرة رحل الحب تبعاً لها، والغيرة هي أنفةٌ أن يشاركني في محبوبي أحد، وهي نارٌ وتوهج يخرج من القلب حال ذكر المحبوب، وهي أنانية التفرد بالمحبوب، هذا هو أصل الغيرة: أن تغار له وعليه.
وكما ورد في الحديث الصحيح: أن هلال بن أمية الواقفي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وقال: يا رسول الله! وجدتُ رجلاً مع امرأتي -ولم يكن نزل حد الملاعنة بين الرجل وامرأته، وكان الرجل إذا رمى امرأته أو غيرها بالزنا فرض عليه أن يأتي بأربعة شهداء وإلا جُلد- فجاء هلال بن أمية الواقفي ، وقال: (يا رسول الله! وجدت رجلاً مع امرأتي فقال: "يا هلال ! أربعة شهداء أو حدٌ في ظهرك"، فحينئذٍ انتفض سعد بن عبادة -سيد الخزرج- وقال: يا رسول الله! أدع لكعاً يتحسها وأبحث عن أربعة شهداء؟! والله ليس له إلا السيف غير مصفح! فقال النبي صلى الله عليه وسلم للخزرج: "انظروا ما يقول سيدكم" -يستنكر عليه؛ لأنه يعارض آية في كتاب الله عز وجل- فقالوا: يا رسول الله! اعذره، فوالله ما تزوج امرأةً قط إلا بكراً، وما طلق امرأةً فجرأ أحدنا أن يتزوجها بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتعجبون من غيرة سعد؟! والله إني لأغير من سعد، والله أغير مني؛ لذلك حرم الفواحش).
أين من يغار لرسول الله صلى الله عليه وسلم الغيرة للمحبوب أن تنتهك حدوده، وأن يعتدى عليه.. هذه هي ثمار المحبة.
لقد صور اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم على صورة خنزير، وكتبوا عليه اسمه الصريح ويدوسون القرآن بأرجلهم!! وما ذاك إلا لأنهم يخاطبون أمةً ميتة، فهل لهذا الرسول في الدنيا العريضة مؤمنون به ومحبون له؟!!لقد بكيت كمداً، وإنما يبكي الحر من القهر...
قاتل الله السياسة التي لا تخضع للدين! بأي وجهٍ يجلس المفاوض مع اليهود؟! على ماذا يتفاوض؟! قطعة أرض، ما بقي بعد الذي حدث شيء.. يسب نبينا صلى الله عليه وسلم ونسكت!!.إذاً: أين الحب الذي ندعيه؟!إن احتلال اليهود لأرضنا وأخذهم لها شبراً شبراً لأهون عند الله عز وجل ورسوله وعباده المؤمنين من سب الله ورسوله، فعلى أي شيءٍ يتفاوضون؟! على أرض! ما قيمتها؟! (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) [الحج:41]، بغير هذه العلامات وبغير هذه الرتب لا يحل لنا أن نرث الأرض.
حكم ساب النبي:إن ساب النبي صلى الله عليه وسلم حده القتل ولو تاب، ولو أظهر التوبة، رعايةً لجناب النبي صلى الله عليه وسلم، ولأننا لو تركنا الساب ليقول: تبت، ثم يرجع ويسب: تبت؛ لاستهانوا بجناب النبي عليه الصلاة والسلام.ولكنه يقتل.
إن الكافر التافه الذي لا يتكلم أهون من السابّ؛ ولذلك فقد فرق الرسول عليه الصلاة والسلام بين الكافر الذي لا يسب وبين الذي يسب ففرق بين كافر نصير، وبين كافر يسب ويؤذي، وهما بخلاف الكافر الكاذب، ولذلك فإن افترى على النبي صلى الله عليه وسلم لا يموت أبداً بخير، فإن الله عز وجل قال: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر)ُ [الكوثر:3]، والأبتر: الأقطع من الخير.
وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: (أن رجلاً نصرانياً أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قرأ البقرة وآل عمران وجد في نظر المسلمين، ثم إنه تنصر وكفر ولحق بالروم، وقال: أنا الذي كنت أملي على محمدٍ القرآن، فقصمه الله عز وجل وقطع عنقه، فدفنوه؛ فأصبح الناس وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل أصحاب محمد، نبشوا على صاحبنا وأخرجوه، فأعمقوا ودفنوه، فأصبحوا وقد لفظته الأرض، فأعمقوا ودفنوه، فأصبحوا وقد لفظته الأرض، فجلس منبوذاً هناك).
ألم تضم الأرض بين جوانبها أكفر الكافرين؟ هل رأيتم الأرض لفظت كافراً؟ كم ضمت الأرض بين جوانبها من الكافرين وما لفظتهم ولفظت هذا؟ لأنه اعتدى على النبي صلى الله عليه وسلم وسبه بداء الخيانة، وأنه كان يملي عليه القرآن.
في الانتماء غيرة، ها هم اليهود خمسة عشر مليوناً، لو تطوعنا وبصقنا عليهم لأغرقناهم، ومما قتلني كمداً أن الأحاديث الصحفية ليل نهار بالذي يجري والذي لا يجري، ومع ذلك ما رأينا صوت دول دينها الرسمي الإسلام عقدت مؤتمراً صحفياً في الحال، وأنكرت هذا الفعل وتوعدت، وما ذاك إلا لأنهم كذبوا في دعوى محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا يعنيهم ذلك،ولا دولة حتى الآن تطوعت ورفعت رأسها وقالت: كيف يفعلون ذلك؟! أولا يستحق النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟! أولا يستحق أن يعقد له مؤتمر صحفي في الحال.
إن الخطب فادح والأمر جلل، والذي وصلنا إليه ليس هناك شيءٌ بعده، أن يسب الله عز وجل -وقد سبوه- وأن يسب النبي صلى الله عليه وسلم -وقد سبوه وصوروه- فما هو رد فعلنا؟! إن امرأةً كشف اليهود عن سوأتها، وهي امرأةٌ نكرة، لا نعرف لها اسماً ولا رقماً ولا نسباً، ولكنها مسلمة، فنادت: وامعتصماه! فجرد المعتصم الجيش العرمرم ليرد عرض امرأةٍ مسلمة، وفتح عمورية، وأنشد أبو تمام قصيدته التي تناقلتها الكتب؛ لأجل امرأةٍ مسلمة.
جزاء ساب النبي: -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى:(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61]، إن شانئه وسابه لا يموت بخير،واتفق العلماء على أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل؛ مسلماً كان أو ذمياً؛ وذلك رعايةً لجناب النبي صلى الله عليه وسلم.