تصنيفات المقال:
موضوعات متنوعة
تاريخ النشر: 29 جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 18 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 4067
سر عظمة الصحابة
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لماذا سادوا ووصلوا؟ كانوا لا يتعبدون بالخلاف، بل كانوا يتحاشون الخلاف ما أمكن، فإذا اختلفوا فكان الله تبارك وتعالى يقي شر هذا الاختلاف بإخلاصهم في طلب الحق.
التعبد بالخلاف جريمة، الصحابة ما كانوا يفعلون ذلك: ولذلك حدثت المواقف العظام التي لو حدث عشرها، بل عشر معشارها لطارت فيها رقاب الآن.سقيفة بني ساعدة يا لها من موقعة! يا له من موقف حدث للمسلمين بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام! كان النبي صلى الله عليه وسلم ملء السمع والبصر، ما كان أحد يتصور أن يعيش بدونه كما قال أنس بن مالك : (جاء النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً فأضاء منها كل شيء، فلما دفناه أظلم منها كل شيء) انظر إذاً واحد يعيش مع هذا النور، لا يتصور أن يعيش لحظةً بدونه، وفجأة فقده، فجأة صار يمشي ولا يراه، بالله كم تكون مصيبته..؟ إنها أعظم المصائب؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب) فإنك لن تصاب بأعز منه، ولا أجل منه، ولا أفضل منه، لن تصاب بأعز منه أبداً، فتصور الذين عاشروه وعايشوه ورأوه، فجأة فقدوه..كانوا إذا ادلهمت عليهم الخطوب ذهبوا إليه فسألوه، الآن مات عليه الصلاة والسلام ولم يفصل في المسألة من يكون الخليفة من بعده، وارتدت العرب، وبدأ الناس يتفلتون، واختلف المهاجرون والأنصار في من يمسك هذا الأمر، فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، الأنصار يقولون: نحن أولى بهذا الأمر، نحن أهل النصرة وأهل الدار والإيمان.
وأبو بكر يقول: بل نحن الأمراء وأنتم الوزراء. ومرت ثلاثة أيام، تركوا النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثة أيام لا يدفنونه بسبب هذا الأمر، ما دفنوه ثلاثة أيام؛ بسبب اختلافهم.
كان يمكن أن تطير فيها رقاب، لا سيما مع حرص الناس على الإمارة، وهذا شيء مفطور في الإنسان.
واختلف المهاجرون والأنصار، وظلوا يختلفون ثلاثة أيام، حتى جاء عمر بن الخطاب مع أبي بكر الصديق إلى سقيفة بني ساعدة، وكان أبو عبيدة بن الجراح معهما، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: بل نحن الأمراء وأنتم الوزراء، إني اخترت لكم أحد هذين الرجلين: عمر أو أبا عبيدة بن الجراح . قال عمر : فأخذت بيد أبي بكر فقلت: ابسط يدك فلأبايعك. فبسط يده، فبايعته فبايعه الناس، قال عمر -وقد وصف هذا الذي حدث-: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها؛ لماذا؟ لأن الكل مخلص في طلب الحق.
إن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الأسوة الحسنة، وما شق على أمته يوماً ما: بل لما علم أن معاذ بن جبل يطيل على المسلمين في صلاة العشاء قال: (أفتان أنت يا معاذ ؟! هلا صليت بالشمس وضحاها، وبالليل إذا يغشى؟) ويقول: (إني لأدخل في الصلاة فأريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز فيها رحمة بأمه) كل تشريعه رقة ويسر، وليس معنى هذا أن الواحد يترك الواجبات ويقول: إن الله غفور رحيم.. لا، إنما يكون اليسر بالإتباع، تصل إلى اليسر بإتباعك للرسول عليه الصلاة والسلام.إياك -أيها المسلم- أن تضع أحداً في مقابله! فإنه لا يوجد أحد يزنه، ما هناك أحد يوضع أمامه في الميزان عليه الصلاة والسلام، فكيف ترضى بالدون؟! أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [البقرة:61].