تصنيفات المقال:
موضوعات متنوعة
تاريخ النشر: 29 جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 18 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 2457
مواقف عُمرية
ما لا يفعله إلا مثل عمر ت:
ما رواه جابر ابن سمُرة ت عن سعد ابن أبي وقاص كما في الصحيحين قال( شكا أهلُ الكوفةِ سعداً حتي قالوا : إنه لا يحسنُ يصلي ، فأرسل عمرُ إلى سعد ، فقال له : لقد شكاك أهلُ الكوفةِ في كل شيءٍ حتى قالوا : إنك لا تحسنُ تصلي ، فقل لي كيف تصلي؟
وهذا من أعجب العجب أن يقول عمر لسعد في مثل وزنه وسابقته وقربه من النبي -صلي الله عليه وسلم- كيف تصلي ؟ حيث أن سعد أسلم قبل عمر وأول من رمى بسهم في سبيل الله وأول من أراق دماً في سبيل الله وكان مقرباً من رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وهذا التابعي الذي شكا سعداً ألم يتعلم الصلاة إلا من سعد؟؟ ، فعمر لم يقل لسعد : قالوا أنك لا تحسن تصلي على ويبتسم علي سبيل التندر ولكن عمر مُخاَصم، ومسئول فلم يجد حرجاً أن يقول لسعد أرني كيف تصلي ؟
(قال: والله يا أمير المؤمنين : أنا لا أخرِمُ بهم صلاة رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أنا أركُدُ في الأوليين(من التطويل أي يقرأ بعد الفاتحة بسورة في الركعتين الأوليين)وأحذفُ في الأخريين أو أخف قال عمر: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق'
ومن التهم التي اتُهِمَ بها سعد :
1- أن سعداً لا يسير بالسرية - 2-ولا يعدل في القضية و3-لا يقسم بالسوية بالإضافة إلي التهمة الرابعة( أنه لا يحسن يصلي )
فأرسل عمر- ت-سعداً- ت- مع جماعة إلى الكوفة ، فمنتدى الناس الذي كانوا يجتمعون في ذلك الوقت المسجد فدخلوا كل مساجد الكوفة، ثم ينادوا الصلاة جامعة فجميع الناس تجتمع ، ومن ثم يتم سؤاله من قبل الموفدون من قبل عمر- ت- : ما تقولون في سعد ، فيثني أهلُ المسجد عن بكرةِ أبيهم خيرا ويقولون معروفاً ، وهكذا من مسجد إلى آخر حتى وصلوا لمسجدٍ لبني عبس: فعندما سألوهم عن سعد : أثنى أهل المسجد جميعاً خيراً ماعدا واحداٍ، يُكنيَ (أبا سعدة اسمه أسامة بن قتادة )قال: أما إذ ناشدتنا ( أي طالما حلفتنا ) فإن سعداً لا يسير بالسرية ولا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية .فلما سمع سعداً هذا الكلام قال: أما إني سأدعو بثلاث دعوات اللهم إن كان عبدُك هذا قام مقامَ رياءٍ وسمعة فأطل عمره وأطل فقرهُ وعرضه للفتن .
انظر كيف احترز سعد فمن الممكن أن أشتكي رجلاً من الناس لا أقصد التشهير به ولا الإنزال من قدره لكن عندي معطيات مغلوطة فأعطتني حكماً مغلوطاً.
مثال ذلك: قول( أبا سعدة -أسامة بن قتادة) في سعد ت.
أن سعداً لا يسير بالسرية :أي عند الغزو لا يخرج مع الجيش فهذه مسألة اجتهاد لأنه يمكن يبدو لسعد آلا يسير حتى يرعي البلد أو يبقي خلف الجيش يسدد ويقارب مثلما فعل( يوم القادسية) لم يباشر القتال فلما قال الرجل لا يسير بالسرية هو صادق لكن هل سعد لما ترك الغزو كان مهملاً؟ لا لم يكن مهملاً فالرجل قد يكون عنده حق في الصورة الظاهرة من ترك سعد للغزو.
وعندما قال لا يقسم بالسوية: فالعطاء من بيت المال يمكن أن يخضع لنظر المعطي.
مثال ذلك :عندما وزع عمر بن الخطاب من بيت المال علي المسلمين أعطى أسامة بن زيد أكثر من ابنه عبد الله بن عمر فاعترض:عبد الله بن عمر وقال له أنا أقدم منه وغزوت غزوات هو لم يغزها فكيف تعطيه أكثر مني فقال عمر بن الخطاب-ت -: إن أباه (زيد بن حارثه ) كان أحب إلى النبي–صلى الله عليه وسلم- من أبيك وهو كان أحب إلى النبي منك. إذاً العطاء كان مقروناً بقدر قرب المرء من النبي -صلي الله عليه وسلم- .
فائدة:إذا افترضنا جدلا ًأن عبد الله بن عمر لم يراجع عمر بن الخطاب في هذا كانت ستبقي في صدره علامة استفهام ويمكن أن يحدث نفسه بظلم أبيه له فالصورة الظاهرة أنه فضل أسامة عليه فأصبح عنده معطيات مغلوطة فلو عرفت لماذا فضل هذا علي ذاك عرفت أن عنده حق لكن لم أعرف.
فيمكن أن يكون أبو سعدة هذا لما قال ما قاله علي سعد بن أبي وقاص أن يكون عنده معلومات مغلوطة وهو صادق النية لا يقصد يطعن علي سعد من أجل ذلك احترز سعد.
وحُق لأهل التقوى أن يحترزوا قبل الحكم علي الناس إن كان الأمر كذا وكذا فهو كذا ورائدهم في ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم-
عندما سأله سائل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال( يا رسول الله ما الغيبة ؟ قال -صلي الله عليه وسلم- : ذكرك أخاك بما يكره قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ).
فانظر إلى هذا الاحتراز في قول النبي –صلى الله عليه وسلم- : إن كان فيه ما تقول لم يقل فقد اغتبته وإنما احترز.ولهذا احترز سعد عند الدعاء وقال: إن كان قام مقام رياء وسمعة
ومن ثم دعا عليه ثلاث دعوات كل دعوة تناسب تهمة:
فالتهمة الأولي: أنه لا يسير بالسرية أي لا يغزو( متعلقة بالنفس أي لا يسير بنفسه)وقابلتها فأطل عمره.
والتهمة الثانية: لا يقسم بالسوية(متعلقة بالمال) وقابلتها- أطل فقره .
التهمة الثالثة:ولا يعدل في القضية( متعلقة الدين) وقابلتها - وعرضه للفتن.
واستجاب الله عز وجل لسعد في هذا الرجل خاصة أن سعداً كان مستجاب الدعوة
يقول عبد الملك ابن عُمير ،راوي الحديث عن جابر بن سمُره( لقد رأيت هذا الرجل ( أبو سعدة ) طال عمره يقعد في الطرقات يتعرض للجواري يغمزُهُن فإذا قيل كيف أصبحت : يقول : شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد)
الله سبحانه وتعالي أسال أن يجعل ما قلته زاداً إلي حسن المصير إليه وعتاداً إلي يمن القدوم عليه إنه بكل جميلٍ كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل و-صلي الله وسلم وبارك- علي نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.