تصنيفات المقال:
الآداب والأخلاق
تاريخ النشر: 5 شهر رمضان 1436هـ الموافق 22 يونيو 2015م
عدد الزيارات: 3371
إنَّ الناظر في أحوال فئام من أمَّة الإسلام ينقلب إليه البصر خاسئًا وهو حسير مما يرى من عكوفهم على ما كانوا عليه من ذنوب وعيوب قبل شهر الصيام، وكأن رمضان لم يُحدث فيهم أثرًا، ولم يغيِّر من سلوكهم قيد أُنملة، وما زالوا يراوحون في أماكنهم لا يبرحونها إن لم ينقلبوا على أقفائهم خاسرين!
إنَّ مدار الخلل وموطن الزلل يكمن في الفهم السقيم لمشروعية الصيام، والحكمة منه، والغاية من فرضيته.
فالله تعالى لم يشرع لنا الصيام ليجيع به بطوننا، أو يعطش أكبادنا، أو يمنعنا من شهوات فروجنا، بل إنَّ الحكمة منه أن نرتقي في مدارج السالكين إلى ربِّ العالمين لنصل إلى درجات سامية ورتبٍ عالية في مراقي التقوى لله تعالى، فنتزكَّى بالصيام من العيوب، ونتطهَّر من الذنوب، ونخرج منه ونحن أقرب ما نكون من خالق الكون سبحانه!
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
فرمضان مدرسة تربوية، وجامعة أخلاقية تُعلمنا العبودية الحقَّة لله تعالى، فتجردنا من حظوظ نفوسنا، وشهوات ذواتنا، لننتصر على نزعات الحيوان ونزغات الشيطان التي تجري في أوردتنا لتوردنا موارد الهلكات..
إنَّ الامتناع عن الطعام والشراب من الصباح إلى المساء جهدٌ مشكور وعملٌ مأجور إن شاء الله ولكن اختزال الغاية من الصيام في هذا المعنى القاصر يؤول بنا إلى الوقوع في الممنوع، والسقوط في الأخطاء والخطايا، والهبوط من مدارج ومعارج السمو إلى مراتع الغفلة ومواقع الزلَّة، وكلُّ نفس بما كسبت رهينة!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (صحيح البخاري).