تصنيفات المقال:
الآداب والأخلاق
تاريخ النشر: 5 شهر رمضان 1436هـ الموافق 22 يونيو 2015م
عدد الزيارات: 4256
خلق الله تعالى الإنسان من جزأين: أولهما (سفلي) مرتبط بالأرض حيث مادة تكوينه وأصل خلقته.
والأخر: (علوي) يرى أثره ولا يرى أصله؛ إنهما الجسد والروح.
وقد جعل الله تعالى لكلاهما مطالب لا بد من إشباعها، أما الجسد: فمطالبه طينية حيث مادة تكوينه، يتمتع ويتلذذ بالقرب منها وتحصيلها، ويتألم ويتوتر بفواتها وتنحصر لذته في الطعام والشراب والجماع.
أما الروح التي كرم الإنسان بها: فمطالبها علوية تعبدية تتلذذ وتتمتع بالتدين وما يصاحبه من مشاعر قلبية كالإخبات والخوف والرجاء والتسليم، وإذا حدث خلل فى إشباع مطالبها كانت الاضطرابات النفسية بكل صورها من اكتئاب وقلق وصولاً إلى الانتحار، فالروح تفضل الفناء على أن تعيش بلا تدين.
والإنسان مفطور على التدين لا يمكن أن يعيش بدونه، حتى الملحد يتدين بإلحاده، وقد زود الله الإنسان بالعقل يميز به صحيح المعتقد من باطله، ومع العقل فطرته سبحانه ورسله مبشرين ومنذرين، وفى الصيام يجوع الجسد لتشبع الروح، يمتنع المسلم عن اللذات المادية من الطعام والشراب والجماع؛ ليتلذذ بالمشاعر الحسية من الطمأنينة والخشوع والانقياد.
ولا يستشعر لذة الصيام ومتعته إلا من صام عن إيمان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) [البقرة من الآية:183]، أما من صام عن عادة وتقليد فلا يستشعر سوى ألم الجسد من الجوع والعطش وكبت الشهوة، والحكمة من الصيام: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة من الآية:183]، أي ترتقي أرواحكم وتعلوا مراتب نفوسكم في درجات التعبد، وتزداد الروح متعة كلما ازدادت تدينًا وقربًا من ربها، فهو موسم للمتع الحسية وتزكية للأرواح.
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها.