تصنيفات المقال:
الآداب والأخلاق
تاريخ النشر: 4 شعبان 1436هـ الموافق 22 مايو 2015م
عدد الزيارات: 5405
كن الرسول -عليه الصلاة والسلام- في كل أمره،رفيقًا ،رحيمًا، وقد قال الله -عز وجل- له: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: 159].
في صحيح مسلم أيضًا من حديث أبي مسعود البدري، قال: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط، وكان غاضبًا فسمعت صوتًا خلفي، يقول: «اعلم أبا مسعود»، فلم أفهم الصوت من شدة الغضب، فقال: اعلم أبا مسعود، فالتفت فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رأيته سقط السوط من يدي من هيبته، فقال: «اعلم أبا مسعود أن الله -عز وجل- أقدر عليك منك على هذا الغلام» فقلت: يا رسول الله أفلا أعتقه؟ قال: «لو لم تفعل لمستك النار».
في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، رأى في غزوة من الغزوات امرأة مقتولة، فقال: «من قتل هذه؟» قالوا: يا رسول الله إنها كانت معهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-،: «سبحان الله! ما كانت هذه تقاتل» ثم نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عن قتل النساء والذرية.
في الوقت الذي كان يشتد فيه على أصحابه، فيقول لهم: «ذروني ما تركتكم»، ولا يبيح لأحد أن يسأله، كان يقبل ذلك من الأعراب الذين يعيشون على حواشي الجزيرة، بل كان يتسامح مع هؤلاء وقد يقول بعضهم مقالة كفرية، كان يتسامح معهم.
كما حدث فيما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما، من حديث خزيمة بن ثابت الأنصاري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، اشترى بعيرًا من رجل أعرابي، ثم إن أحد المسلمين رأى البعير فأعجبه، فقال للأعرابي: بكم تبيع هذا البعير؟ قال: بكذا، فذهب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ، قال: انقدني ثمنه، وإلا أبيعه، قال: يا أعرابي؟ أولم تبعني الجمل؟ قال: ما بعتك شيئًا، قال: كلا يا أعرابي، بل بعتني الجمل، قال: ما بعتك شيئًا، قال: يا أعرابي: أنت بعتني الجمل، قال: ما بعتك شيئًا، هلم شهيدًا يشهد أنني بعتك، وجعل الناس يلوذون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ، يقولون له: ويلك إن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما كان ليقول إلا حقًا.
حينئذ انبرى خزيمة بن ثابت، وقال: أنا أشهد أنك بعته الجمل، قال: بم تشهد يا خزيمة، قال: بتصديقك، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، شهادة خزيمة بشهادة رجلين.
فقول الأعرابي للنبي -عليه الصلاة والسلام-: ما بعتك شيئًا، يقول: «كلا يا أعرابي بل بعتني» يقول: ما بعتك، هذا فيه تكذيب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ، وتكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، كفر مجرد، لولا أن هذا أعرابي، لا يعرف ما لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من الحقوق، لذلك لم يكفِّره.
وفي سنن النسائي الكبرى، ومسند الإمام أحمد، وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: سألت قريش رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن يجعل الصفا ذهبًا، فقال الله -عز وجل- له: «إن شئت أن نستأني بهم فعلنا» نستأني بهم أي: نستعمل الأناة في حقهم، وطلبت قريشٌ شيئًا آخر، أن ينحي الجبال عن مكة، فتصير الأرض سهلة فيزرعوا.
فقال الله -عز وجل-: «إن شئت أن نفعل فعلنا، غير أنهم إن كذبوا أهلكتهم، كما أهلكت من سبقهم» فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-،: «بل استأن بهم» وفي لفظ في الرواية الأخرى، قال: «إن شئت أعطيتهم ما يريدون، فمن كفر لأعذبنه عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة»، قال: «يا رب بل باب التوبة والرحمة».