تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 18 رجب 1436هـ الموافق 6 مايو 2015م
عدد الزيارات: 11855
قال الله تعالى : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) (فاطر 37).
أقل أهل العلم :هو الذي ذهب إلى أن النذير هو النبي- صلى الله عليه- وسلم جاء هذا عن على بن أبى طالب ولم يثبت عن على- ت -.
ما بقى إلا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم :وهو الذي ثبت عنه بالإسناد الصحيح أنه قال النذير هو النبي- صلى الله عليه-.
أكثر أهل العلم : ذهبوا إلى أن النذير هو الشيب،.قوله تعالي(وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ).
لأن العلاقة ما بين:(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) و(النَّذِيرُ) تقتضى أن يكون شيئاً ملموساً يراه العبد، وإلا فكيف يكون نذير فلابد أن يكون هذا النذير مع كل إنسان فهو نذير مرئي ,لابد أن يتنبه له لذلك يكون موجوداً مع كل إنسان إما يراه على غيره وإما يراه على نفسه.
وممن ورد عنهم النذير بمعني الشيب، بن عباس م:، وأنا لم أبحث كثيراً في البحث عن أسانيد أثر بن عباس لكن وقفت له على إسناد في سنن البيهقى لكنه إسناد ضعيف
الشيب دليل على قرب الموت،و كنير من الناس يكرهون الشيب، الذين يصبغون شعورهم حتى لا يظهر أنه شيخ -لن أقول أنه عجوز لأن العجوز تطلق على المرأة لما قالت إمرته إبراهيم (قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا) (هود 72) لم تقل وهذا بعلي عجوزاً، لان الرجل يقال له شيخا فيقوم بصباغة شعره ليظهر أنه شباب يفر من الشيب .
حكم تغيير الشيب:
تغيير الشيب سنة عن النبي- صلى الله عليه- وهى مستحبة بمعنى من شاء خضب ومن شاء ترك،:كان بعض الصحابة يتركون لحاهم بمعنى لا يخضبونها، وبعض الصحابة كانوا يخضبون لحاهم مثل عقبة بن عامر الجهنى كان يخضب لحيته لكن بعد أسبوع تجد منبت الشعر أبيض وكان رجلا شاعراً يقول (نسود أعلاها وتأبى أصولها)
حكم الصبغ باللون الأسود:
الأسود يحرم الصبغ به، لكنك من الممكن أن تصبغ بلون أقرب إلى السواد مثل الحناء الغامقة.
مايدل علي أن صبغ الشيب أحياناً يغر:
كان بن شهاب الزهري يصبغ لكنه كان يصبغ سنة ، والإمام مالك لم يلاحظ أن الزهري يخضب فقال فى بعض أحاديثه حدثنا الزهري وهو شابٌ العلماء قالوا لا الزهري كان يصبغ لكن مالكاً لم يلاحظ ذلك فظنه شاب.
بعض العلماء وهم يتحدثون في باب النكاح،: يقولوا أن الرجل عندما يذهب ليخطب امرأة و قد ابيض شعره وهو رجل شيخ لا يصبغ حتى لا يبدوا أنه صغير لأنه في الماضي لم يكن هناك شهادات ميلاد، ولا يعرف أنك مولود في أي سنة، ولا أي شيء من هذا القبيل، فلما كان يخضب ويتقدم إلى أسره من الأسر تظنه شاب وهو متقدم في العمر.
وبعض العلماء كان يستحب في الغزو أن يخضب الشيوخ لإرهاب العدو.
فكثير من الناس لايحبون الشيب وقد صرح بهذا أنس بن مالك-ت -لما ذكر شيب النبي - صلى الله عليه- قال( ما شاب النبي- صلى الله عليه- بل كان في لحيته سبعة عشر شعرة) -انظر إلى الحب وصل إلى درجة أنه يعد الشعر الأبيض في لحية النبي-عليه الصلاة والسلام- ولما ذكر أن الناس يخضبون فقال لهم أنس (أولستم تكرهونه )على أساس أن المرأة عندما ترى الرجل به شيب يُعدُ علامة موته .
يقول شاعر متشائم:
وإن تسألوني بالنســاءِ فإنني خبيرٌ بأحوال النساءِ طبيبُ
إذا شابَ شعرُ المرء أو قل مالُهُ فليس له في ودِهِنَ نصيبُ
من الأبيات الجميلة التي أحفظها أبيات على بن جبلة في الشيب:
وكيف أن الإنسان يكره الشيب، ولا يحبه لأنه يذكره بأنه في آخر حياته، وأنه سوف يموت، فيحاول بعض الناس يصبغ حتى يتناسى أنه في آخر حياته، فعلى بن جبلة أنشأ محاورةً ما بين الشيب وبين رجل، فجعل الشيب ضيفاً يركب حماراً ويلبس عمامة ومعه عصاً وطرق باب رجلاً ما، وفتح الرجل لهذا الضيف ودار بينهما الحوار التالي:
ألقى عصاهُ وأرخى من عمامتهِ وقال ضيفٌ،فقلت الشيبُ قال أجل
فقلت َ له أخطأتَ داراَ الحي قال ولِم لكَ الأربعونَ التمُ
فما شجيتُ لشيءٍ ما شجيتُ له فكأنما اعتمَ منه مفرقي بجبل.
الشيب :( ألقى عصاهُ وأرخى من عمامتهِ وقال ضيفٌ ) وفتح له الثاني -الرجل الذي نزل به الشيب- وعندما نظر إليه قال( فقلت الشيبُ قال أجل) فقال له الرجل صاحب البيت(أخطأتَ داراَ الحي )( أي أنك نزلت مكان ليس بمكانك مازلت صغير السن ومازال عمري أربعون عاماً في أول الكهولة اذهب لشخص بلغ من العمر الستين أو سبعين عاماً كي تُبيض له رأسه ولحيته (قال ولِم لكَ الأربعونَ التمُ )أي أنك بلغت الأربعين التمُ ، ولم ينتظر أن يأذن له ثم نزل قال صاحب الدار( فما شجيتُ لشيءٍ ما شجيتُ له* كأنما اعتم منه مفرقي بجبل)- المفرق- الرأس
يقول بمجرد نزوله رغماً عني وقال( لكَ الأربعونَ التمُ ) لم ينتظر حتى آذن له نزل من ركوبته وجلس في البيت ( أي علي رأسه لأنه شيب) يقول (فكأنما اعتمَ منه مفرقي بجبل) أي كأنه لما لبس رأسي كأني حملت جبلاً فوق رأسي لأن الشيب نذير المرء.
فأنا أقول لكل شايب مثلى ومثل الشياب الموجودون في الدنيا، الآن:( وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)فخذ حذرك -إذا كان أملك طويل، ومشغول بالدنيا لا أقول لك توقف ولكن خفف من اللهث وراء الدنيا فكم جريت وكم ضيعت من صلوات وكم ضيعت من رمضان من أجل العمل فعندما تنظر للمرآه وأنت تمشط شعرك وإذا كنت متسنن(أي متبع سنة النبي -عليه الصلاة والسلام ) قد أعفيت لحيتك وليس معنى متسنن أن اللحية سنة فقط بل اللحية فرض واجب فتذكر قوله تعالي ( وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ).
فقل :(ما بقى في الكرم إلا الحطب) مثلما يقول أهل الشام، أنا سمعت هذا المثل من شيخنا الألباني- رحمه الله -أي أن حقل العنب ما بقى فيه إلا الحطب لا يوجد به عنب، ولا ورق أخضر ولا يوجد به أي شيء يبس، .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.
اللهم ياحي ياقيوم اشف شيخنا شفاءا لا يغادر سقما آمين.