تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 15 رجب 1436هـ الموافق 3 مايو 2015م
عدد الزيارات: 3017
كلامنا على رجل من الأئمة الكبار الجبال الذين لا تعرفهم العامة، ولعل أكثر المسلمين لا يعرفون رجلاً اسمه: محمد بن ميمون : ويكنى بـأبي حمزة السكري ، وهو أحد الرواة عن الأعمش ، وإنما قيل له: السكري لحلاوة كلامه، كان يقول: ما مرض جارٌ لي إلا قوّمت نفقته في مرضه وتصدقت بها؛ لأن الله عافاني مما ابتلاه به.
والتداوي جائز وليس بواجب، فلو مرض رجلٌ وترك التداوي جاز له ذلك، ولا يجب إلا إذا أضيف ما يرجح الوجوب، فقد ترك أبو بكر رضي الله عنه التداوي، فلو فرضنا أن العلة أصابت محمد بن ميمون وأنفق ثلاثة أو أربعة أو عشرة آلاف جنيه وعاد صحيحاً، فهو يقول: هب أني مكان الذي اعتل فسأنفق مثل هذا القدر من المال ولكن أتصدق به شكراً لله لأنه عافاني مما ابتلاه به.
وبلغ محمد بن ميمون أن جاراً له أراد بيع داره، وكان الرجل سيبيع الدار بأربعة آلاف درهم، وقيمة الدار ألفا درهم فقط، فقال له: ألفان ثمن الدار، وألفان جوار أبي حمزة ، فبلغ ذلك أبا حمزة ، فأرسل إليه أربعة آلاف وقال: لا تبع الدار وابق في دارك!، هذه هي مكارم الأخلاق، عندما تنظر إلى هذه النماذج المشرقة فسوف ترتفع عن سير هؤلاء الذين تعاشرهم من أهل هذا الزمان، فهؤلاء نعمة وشرف، فكيف لو عكفت على مطالعة سير هؤلاء، ولا ترى الدنيا إلا من خلالهم؟ فهناك من هو أجل بألف درجة من أمثال هؤلاء، فقد كان السلف رءوساً في العلم والعمل.