تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 6 رجب 1436هـ الموافق 24 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 7508
نتكلم اليوم إن شاء الله تعالي عن إعذار الله للعبد لأن كلام النبي - عليه الصلاة والسلام- بدأ بقوله " أعذر الله إلى امرئ بلغه ستين سنة ". والهمزة في( أعذر) يسميها العلماء همزة السلب بمعنى قطع عذره(أعذر الله) قطع عذره وأقام عليه الحجة.
هل الله تعالي يعذر عبده ؟ومتى يعذره؟ ومتى لا يعذره؟من حديث المغيرة بن شعبه- ت-, قال:" قال سعد بن عُبادة لو رأيت رجلاً مع امرأتى لأضربنه بالسيف غير مُصفَح ,فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فقال : "تعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير من سعد والله أغير منى: ومن أجل ذلك-أي من أجل غيرة الله-حرم الفواحش ماظهر منها ومابطن ,وما أحد أحب إليه العذر من الله لذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين, ولا أحد أحب إليه المِدحةُ من الله -عز وجل- ,لذلك وعد الله الجنة (وفي رواية أخرى) لذلك أثنى علي نفسه تبارك وتعالي".
هنا توسط العذر مابين الغيرة والمدح؛:جعلت هذا الحديث جعلته مدخلي إلي الكلام لأنه يشتمل علي معان جليلة, سأتكلم عن الغيرة وأتكلم عن العذر وعن المدحة لله -سبحانه وتعالي- ولا يتصورن أحد أنني خرجت بهذا عن موضوع الحديث.لا .
النبي -صلى الله عليه وسلم-:يقول: في هذا الحديث " والله لأنا أغير من سعد والله أغير منى" ومن أجل ذلك-أي من أجل غيرة الله-حرم الفواحش ماظهر منها ومابطن ". (فهذه الغيرة) وما أحد أحب إليه العذر من الله لذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين, ولا أحد أحب إليه المِدحةُ من الله -عز وجل-,لذلك وعد الله الجنة (وفي رواية أخرى) لذلك أثنى علي نفسه تبارك وتعالي".
إذا أنا عندي غيرة وعندي عذر وعندي مِدحةُ, فتوسط العذر ما بينهما,فأنا أتكلم عن هذه الصفات الثلاثة لله تبارك وتعالي, وبالكلام عن الغيرة سيظهر معنى العذر؛ أو يظهر كمال الله تبارك وتعالي في العذر. وبعد العذر يأتي المدح.
تعريف الغيرة:أولا: الغيرة نار, ومن شأن النار أنها تعطى وقوداً, فمن خلا قلبه من الغيرة فلا حياة له,.فالغيرة في الأصل : الغيرة هيجان القلب, حمية لما اختص به إذا زاحمه أحد في هذا الاختصاص, فهذا معنى الغيرة التنافس. وتكون الغيرة أكثر فيما يتعرض بالعرض, وتكون بين الزوجين أكثر من غيرهما.الحديث الذي ابتدأت الكلام به-حديث ابن المغيرة- له قصة بُسِطت في سنن ابن داوود وفي مسند الإمام أحمد من حديث ابن عباس- م- وذكرها الإمام مسلم أيضا أشار إليها في حديث أبي هريرةت.
سبب اختيار الشيخ حفظه الله لسياق الإمام أحمد رحمه الله:اخترت سياق أحمد لأنه أبسط ,الشاهد الذي أريده زاده أحمد علي أبي داوود, وإن كانا -أبو داوود وأحمد -اشتركا في طول القصة. الذي حدث:أن النبي -صلي الله عليه وسلم- بينما هو جالس مع أصحابه إذ جاء هلال بن أمية الواقفي ت وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم كما في قوله تعالي(وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (التوبة/118).دخل بيته فوجد رجلاً مع امرأته فأتى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:وقال يا رسول الله (بَصُرت عيني وسمعت أذني) .
فأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-:بذلك ربما يتوقف هلال بن أميه في هذا لأنه لم يكن معه بقية نصاب الشهادة.لأنه عندما يرمي أي رجل أو أية امرأة رمى إحداهما الآخر بالزنا لابد أن يكون هناك أربعة شهداء؛ إذا هو رأي بعينه وسمع بأذنه ولم يأت بالثلاثة الشهداء الباقين يُجلد. كان ذلك قبل أن ينزل الملاعنة مابين الرجل وبين امرأته.
لذلك أحيانا بعض الناس يسألني تقول زوجي يزنى أو يقول امرأتي تزني, فهذا لايجوز حتى لو رآه بعينه,لو أن رجلا رأى آخر يزنى فعلا بعينيه ولم يأت بثلاثة آخرين يُجلد لماذا لأن صيانة الأعراض لاتصونها إلا الدماء فصيانة لهذا يُمنع المرء أن يتكلم بهذا إلا إذا أتى بالنصاب كاملا.
فلم يكن نزلت مسألة الملاعنة بين الرجل وامرأته, "فجاء هلال بن أمية الواقفي وقال هذا. فقال: النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا هلال أربعة شهداء أو حدٌ في ظهرك, كرُب هلال بن أمية الواقفي وقال الله يعلم أنى صادق).
في هذا المجلس كان سعد بن عُبادة سيد الخزرج جالساُ, فقال: (يا رسول الله أهكذا نزلت؟, قال: نعم، قال- يعنى لاأهيجه-" لو رأيت لَكَاعاً يتفخذ امرأتي لاأهيجَهُ ولاأمَسَهُ وأدَعَهُ وألتمس له أربعة شهداء, والله لاأرجع إلا وقد قضي حاجته).
فالنبي-عليه الصلاة والسلام - قال: للأنصار انظروا مايقول سيدكم؟ -أي يعارض بكلامه نص آية-فقالوا يارسول الله اعذره إنه لغيور, فو الله ماتزوج امرأةٌ قط الا بكراُ وماطلق امرأة فاجترأ أحدنا أن ينكحها بعده"- أي من شدة غيرته- فقال: النبي- صلي الله عليه وسلم-حينئذ إن سعداً يغار وأنا أغير من سعد والله أغير منى, فقال سعد بن عبادة معلقاً بعد ذلك والله يارسول الله انى لأعلم أنها حق- أي أن الآية حق -وأنا ماقصدت أن أعارض حكم الله لكنى تعجبت من ذلك", لماذا لشدة غيرته,.
فالعرب كانوا في القمة في مسائل الغيرة والحفاظ علي العرض, مابراهم أ حدٌ في ذلك أبداً.
سعد بن عبادة يقول :"والله لا أعطيه إلا السيف غير مُصفَح"أي لاأضربه بصفح السيف وليس المقصود (أصفح وأعفو عنه)يريد أن يقول أنا لن أضربه بصفح السيف بل أضربه بحده, كما قلت لكم الأعراض ليس فيها حل, لايغسلها إلا الدم, يعنى انظر إلي حديث أبي سعيد الخدرى- ت -في صحيح مسلم "يقول أبو السائب مولي هشام بن زهرة أتيت أبا سعيد في بيته وهو يصلي فانتظرته حتى يقضي صلاته فسمعت صوتاً في عراجين البيت فإذا حية قال فوثبت لأقتلها فأشار إلي أبو سعيد وهو يصلي أن اجلس"
وهذه إشارة أن الحديث مع أحاديث أخرى يدل علي بطلان الحديث الذي يقول: "من أشار في صلاته إشارة تُفهم عنه بطلت صلاته" ولكنه حديث باطل بهذا الحديث وبإشارة النبي-صلى الله عليه وسلم-:وهو يصلي ورد السلام وهو يصلي إشارة هكذا, .
فإذا كان واضع اليمنى علي أليسري وأحد قال-السلام عليكم- فيجوز للمصلي أن يرفع يده له تحية له كما فعل رسول الله عزوجل وصح عنه ذلك في غير ما حديث ،المهم أن أبا سعيد أشار إليه أن اجلس," فلما قضي أبو سعيد صلاته قال له ترى هذا البيت وأشار الي بيت في الدار,؟, قال نعم, قال كان يسكن فيه فتىً وكان حديثَ عهدٍ بعرس وخرجنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم-:إلي الخندق فكان هذا الفتى يستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم-: في أنصاف النهار ويأتي بيته" يقعد ساعة ساعتين ثم يرجع إلي الرسول-صلى الله عليه وسلم-:مرة أخرى.
فقال النبي - عليه الصلاة والسلام- له في مرة وقد استأذن ليأتي أهله قال "خذ عليك سلاحك فإنى أخشي عليك من قريظة" (وفي رواية مالك, في الموطأ )-قال أخشي عليك من بنى قريظة-الغلام أخذ سلاحه, سيدخل الدار فإذ امرأته بين البابين واقفة فرفع السيف ليضرب امرأته, فقالت "إليك عنى" - اضمم إليك سلاحك وتعالي فانظر لتعلم مالذي أخرجني بين البابين- "فنظر فإذا حية عظيمة منطوية علي فراشه" الغلام دخل فانتظمها برمحه يعنى غرز الرمح فيها وحملها بالرمح وذهب إلي وسط الدار وغرس الرمح في الأرض, لما غرس الرمح في الأرض كان رأس الرمح ماسك في الحية, فاضطربت الحية لأنها كانت حية عظيمة وقتلت الغلام.
قال أبو سعيد "فما ندرى أيهما كان أسرع موتا؟ الفتى أم الحية؟". فلما بلغ النبي-صلى الله عليه وسلم-:هذا" قال الصحابة: يارسول الله ادعُ الله أن يحييه لنا, فقال :-استغفروا لصاحبكم ثم قال إن في المدينة جناً أسلموا فإذا وجد أحدكم شيئا من هذا- دخل وجد حية - فليؤذنه ثلاثا -أي يقول له اخرج من البيت ثلاث مرات - فإذا لم يخرج فيقتله فإنما هو شيطان.
نسأل الله سبحانه تعالي أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ماجهلنا, وأن يجعل ما أقوله لكم زاداً إلي حسن المصير إليه, وعتادا إلي يمن القدوم عليه,إنه بكل جميل كفيل, وهو حسبنا ونعم الوكيل, و-صلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد, والحمد لله رب العالمين.