تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 3 رجب 1436هـ الموافق 21 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 4028
الرسول-صلى الله عليه- وسلم-أفضل من مشى على الأرض بقدميه وأفضل زوج على وجه الأرض لا يضاهيه أحد في ذلك إطلاقًا ، أنتم تعرفون حديث عند أحمد وغيره في مسابقة النبي-صلى الله عليه وسلم-عائشة، لما قال للجيش تقدموا وصاروا هم الاثنين بمفردهم ، قال لها:« تعالى أسابقك » وكانت عائشة قد تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي صغيرة سن تسع سنوات وكانت جارية حديثة السن تأكل العلقة من الطعام ولم تحمل اللحم أي ليست بدينة ، فجرى كل منهما مقابل الأخر فسبقته .
قالت: فتركني حتى حملت اللحم ونسيت، وفي غزوة من الغزوات قال لها: تعالى أسابقك ، نسيت القصة تمامًا وحملت اللحم وصارت بدينة ، قالت: فسابقته فسبقني فجعل يضحك ويقول هذه بتلك ، ما هذا الخلق ، والمرأة كل ما تأسرها بالجميل تكون طوع بنانك والبيت يستقر .
يقول لعائشة "إني لأعلم غضبك من رضاك"، مع أن غضبها هو الذي يضرها وليس العكس ، لو الدنيا كلها غضبت على النبي ورضي الله عنه فهم مع السلامة ، لكن لما يقول لها: إني لأعلم غضبك من رضاك ، تقول: وكيف ذلك يا رسول الله ؟ يقول:« إذا كنت علي غضبى تقولين لا ورب إبراهيم ، وإذا كنت عني راضية تقولين لا ورب محمد » ، فتقول له: والله ما أهجر إلا اسمك ، من كثرة ما هي غاضبة منه لا تريد أن تقول اسمه ، ورب إبراهيم ورب محمد صلوات الله على الجميع واحد لكن تتنكب ذكر اسمه ولا يغضب منها أبدًا .
المرة الوحيدة التي ضربها النبي "-صلى الله عليه وسلم:لما تعدت حدود الله ، لذلك قالت عائشة: ما ضرب النبي -النبي صلى الله عليه وسلم- بيده شيئًا قط إلا أن تنتهك محارم الله ، وهذه هي المرة الوحيدة ولم يضربها ضرب ، شجك أو فلك أو جمع كلًأ لك لم يكسر عظمها ، هو ضربها بمجامع يده في صدرها شيء محتمل ، هذا بسبب أنها قالت كما في صحيح مسلم ، قالت ألا أحدثكم عني وعن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ؟ قالوا: بلى ، قالت: إنه كان في ليليتي التي هي لي ، كان متزوج بتسعة وكان يقسم ولما أسقطت سودة ليلتها أعطى الليلة لعائشة أو هي أعطت ليلتها لعائشة ، فكان يقسم بين نسائه والقسم لم يكن واجبًا عليه ، إنما كان يقسم ليرضيهن حتى لا تحزن إحداهن ، مع أنه لم يكن واجبًا عليه أن يقسم كما هو واجب علينا كآحاد الأمة أنه لابد أن يعدل في القسمة .
قالت: إنه كان في ليلتي التي هي لي ففتح الباب رويدًا رُويدًا أي بهدوء جدًا ودخل رويدًا رُويدًا وحمل نعله تحت إبطه حتى لا يعمل صوت ، أول ما دخل وجدها تنام تحت اللحاف ، فقال أنها نائمة فمشي على أطراف أصابعه ، قالت: فما هو إلا ريثما وضع جنبه على الفراش إلا قام مرة أخرى وأخذ نعله رويدًا رُويدًا ومشى رويدًا رُويدًا وفتح الباب رويدًا رُويدًا وانطلق ، وكلمة رويدًا رُويدًا إشعار أنه لا يريد أن يزعجها ولا أن يوقظها ، عائشة-رضى الله عنها-ظنت انه ذاهب إلى بعض النساء الأخريات ، قالت: فتقنعت إزاري ، لبست ملابسها السواد وانطلقت خلفه ترى أين يذهب .
فإذا به -صلى الله عليه وسلم-ذهب إلى البقيع ودعا يرفع يديه ثم يخفضها ، يرفعها يخفضها ثلاث مرات ، قالت: ثم انحرف راجعًا فانحرفت ، فأسرع فأسرعت وهي لا تريد أن يدركها ، فهرول فهرولت ، فأحدر مشى على مهل فأحدرت وسبقته ، الذي ذهب إلى العمرة يجد أن ما بين الحجرة النبوية وما بين البقيع حوالي مائتين متر مسافة بسيطة ، فهي تجري فأول ما دخلت الحجرة دخلت تحت اللحاف وغطت نفسها كان شيئًا لم يكن ، لكن الجديد في الأمر أنها تنهج لأنها كانت تجري فنفسها متلاحق وبالتالي اللحاف يعلو وينخفض لأنه موضوع على صدرها ، فالنبيr لما دخل وجد هذا المنظر ، واحدة تنهج وهو تركها نائمة .
فلما دخل قال: « مالك يا عائش » ؟ الترخيم مما يدل على أن فيه دلال ومحبة وغير ذلك ، « مالك يا عائش » « حاشية رابية » عندك ربو أو شيء في صدرك تنهجي فجأة أنا تركتك نائمة ، قالت: لا يا رسول الله ، قال لها:« لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير » ، قولي وإلا الوحي سينزل قالت يا رسول الله مهما يكتم الناس يعلمه الله ، في رواية في صحيح مسلم في بعض الأصول قال:« نعم » ، كأنها تسأل وفي رواية أخرى أنها قالت ذلك تقريرًا ، أي أنه مهما يكتم الناس يعلمه الله فأنا سأعترف وأقول لك الموضوع وحكت له الحكاية ، فقال لها:« أنت السواد الذي كان أمامي » قالت: نعم يا رسول الله ، قالت: "فنهذني" وفي رواية "فلهدني "بالدال لهذة في صدري أوجعتني ، وقال:« أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله » ، أي بأن تكون الليلة لك وأذهب لغيرك ، « إن جبريل أتاني فناداني فأخفى منك » حتى لا تسمعي صوته ، « فأجبته فأخفيته منك وكرهت أن أوقظك فتستوحشي »
أنا أريد ننفذ هذه الأخلاق في بيوتنا، كره أن يوقظها تستوحش تخاف، صغيرة في السن والبيوت لم يكن فيها مصابيح والدنيا ظلام وسيذهب للبقيع ويتركها لوحدها في الظلام ، أنا عندي تظل نائمة أفضل لها حتى لا تستوحش ، « وكرهت أن أوقظك فتستوحشي ، فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم »
يقول الشيخ الحويني شافاه الله وعافاه:
كلما أسرت المرأة بالجميل كلما كانت طوع بنانك و استقر البيت .