تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 3 رجب 1436هـ الموافق 21 أبريل 2015م
عدد الزيارات: 9298
من رفقه صلى الله عليه وسلم،:الحديث الذي رواه مسلم من حديث المقداد بن الأسود قال: أتيت أنا وصاحبان لي قد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد والجوع والمشقة فعرضنا أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس هناك أحد يقبلنا وهذا بسبب فقد ما يواسون به الصحابة وإلا ما كان الواحد منهم يتردد في أن يواسي أخاه لأنهم كانوا من أشد الناس بذلًا، الملاذ الأخير لهم دائمًا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فإذا ثلاث أعنز فقال احتلبوا هذا اللبن بيننا ، المقداد وصاحباه ورسول الله صاروا أربعة ، فكانوا يحتلبون اللبن ويقسموه على أربعة أواني كل واحد يشرب نصيبه والرسول صلى الله عليه وسلم، بعدما يرجع يسلم سلامًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان ثم يأتي المسجد فيصلي ثم يأتي نصيبه من اللبن فيشربه .
قال المقداد: فجاءني الشيطان يومًا فقال: إن محمد يأتي الأنصار فيتحفونه وما به حاجة إلى هذه الجرعة فقم واشربها ، فلما أن وغلت في بطني وعلمت أنا لا سبيل إليها ندمني الشيطان وقال: ويحك ماذا فعلت أشربت شراب محمد الآن يجيء فيكشف إناءه فلا يجد اللبن فيدعوا عليك فتذهب دنياك وأخرتك ، لما قرع هذا الخاطر عقل المقداد قال: علي شملة إن غطيت بها رأسي بدا قدماي وإن غطيت قدمي بدا رأسي وجعل لا يجيئني النوم ، أما صاحباي فناما لأنهما لم يفعلا ما فعلت ، قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، على عادته فسلم سلامًا يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم فصلى ثم جاء فكشف إناءه فلم يجد شيئًا فرفع بصره إلى السماء فقلت الآن أهلك .
فسمعته يقول "اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني" قال: فشددت الشملة من علي وأخذت شفرة أي سكينًا وذهبت إلى هذه الأعنز لأذبح واحدة منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ، قال: فلما أتيت الأعنز إذا هن حُفلٌ كلهن ، أي أن الضرع مليء باللبن على غير العادة ، قال: فأتيت بإناء ما يطمع أل محمد أن يحتلبوا فيه ،لأنه واسع وعميق ، قال: فحلبت حتى علت رغوة اللبن ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: اشرب يا رسول الله ، فقال: أشربتم شرابكم، وانظر لرفقه صلى الله عليه وسلم، لأنه لما كشف إناءه ظن أن آنية أصحابه كانت كذلك ليس فيها لبن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، ما ظن أن يشرب أحد نصيبه من اللبن ، ولكن ظن أنهم لم يشربوا ، ولذلك لما قال: اشرب يا رسول الله " فقال: أشربتم شرابكم الليلة ؟ "فلم يرد عليه ولم يقل شربنا إنما قال: اشرب يا رسول الله ، قال: فشرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أعطاني الإناء فأعطيته إياه وقلت: اشرب يا رسول الله فشرب ، فقلت: اشرب فشرب .
فلما علمت أنه روى ضحكت حتى ألقيت ، حتى سقط على الأرض من كثرة الضحك ، فقال صلى الله عليه وسلم، "إحدى سوءاتك يا مقداد " أي أنت فعلت شيئًا قلت: يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا ، فبما عقب النبي صلى الله عليه وسلم، على هذا ؟ قال: "إنما هذه رحمة من الله هلا آذنتنا فأيقظنا صاحبينا فأصابا منها ما أصبنا " فقال له المقداد: والذي بعثك بالحق لئن أصبتها وأصبتها معك ما أبالي من أصابها ، وانظر النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعلق على فعل المقداد ، لم يقل له لماذا شربت نصيبي ولم يعاتبه على الدنيا أبدًا ، وما عاتب النبي صلى الله عليه وسلم، أحدًا على دنيا قط ، لا عاتب فضلًا على أن ينتقد أو أن يضرب على دنيا كما قالت عائشة رضى الله عنها "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيده أحدًا قط إلا أن تنتهك محارم الله عز وجل " كان في كل حياته مع أصحابه كذلك ، كان رفيقًا رحيما .