تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 22 صفر 1437هـ الموافق 5 ديسمبر 2015م
عدد الزيارات: 2213
اذا كنت – أخى السالك – لازلت مصرا على الاتمام , فاعلم أن من مقومات السفر : المنهج , واعلم ان منهجنا معصوم , فلا مجال لنا للاجتهاد فيه , اذ اتفق العلماء على أن أعمال العبادات توقيفية , الظاهر منها والباطن ولذا فقد تكفل الشرع – كتابا وسنة – بوصف المنهج فى هذا الطريق وصفا لا يزيغ عنه الا هالك .
قال سبحانه : " إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى " ( الليل : 12 ) .واذا قال " علينا " فقد وجبت .. وقال سبحانه : " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " ( البلد : 10 ) , وقال - سبحانه – حاكيا عن موسى لما سئل عن ربه أنه عرّفه فقال : " رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى " ( طه : 50 ) , وقال سبحانه : " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ( التوبة : 115 ) , وقال سبحانه :" وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ " ( فاطر : 31 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تركتكم على المحجة البيضاء " وفى رواية " بيضاء نقية كالشمس لا يزيغ عنها الا هالك " .[صححه الألبانى] .
وقال صلى الله عليه وسلم :" تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى " [السلسلة الصحيحة] .
وقال صلى الله عليه وسلم :" انه من يعش بعدى فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل ضلالة فى النار " [أخرجه أبو داود] بهذه النصوص واجماع الامة يتبين لنا يقينا لا شك فيه أن الدين كمل والطريق وصفت والمعالم نصبت والاصول وضعت .
فلا مجال لهرس الهرائسة , ولا لقرمطة القرامطة .. لا مجال لفزلكة المتفزلكين , ولا منظرة المغرورين المعجبين , لا مجال لتحديث الدين ولا للفهم المستنير – زعموا – ولا لبدع أهل الاهواء . الدين دين محمد وما كان عليه وأصحابه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة , وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة كلها فى النار الا واحدة , ما أنا عليه وأصحابى , وليكونن من أمتى أقوام تتجارى بهم تلك الاهواء كما تتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل الا دخله ". [صححه الألبانى] .
وان هذا الحديث وأمثاله ليزيد المؤمن ايمانا – والله – حين يرى تجارى الاهواء بالقوم .. فيا ايها السائر الكريم , المنهج معصوم لا مجال للاجتهاد فيه .. علمت هذه أولا فخذ الثانية .
اذا كان المنهج معصوما فلابد من المنهج , فالبداية – بداية السير – غير المنهجية تؤدى الى الفتور وتقود الى الانتكاس , ثم تكثر الشكوى ولا سميع ولا مجيب .
لابد من منهج حقيقى فى السير الى الله – سبحانه وتعالى – وفى أصول التعبد : الصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة ونوافلها .. أقصد ان تتخذ لنفسك منهجا : ماذا ستفعل , وكم ومتى وكيف؟
وتلتزم بهذا المنهج وتتابع عليه محاسبة شديدة .
مثلا ..كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فى اليوم أربعين ركعة , سبعة عشرة فرائض واثنتى عشرة رواتب , واحدى عشرة تهجدا وكان اذا فاته شىء منها قضاه .. حتى ثبت أنه قضى سنة الظهر بعد العصر .. فان كنت تطيق هذا وتلتزمه فالتزم ولا تفرط واياك واسهال الاستسهال .
ومثلا آخر .. كان الصحابة يحزبون القران , أى يختمون كل جمعة مرة ..يبدأون من عصر الجمعة ويختمون عصر الخميس بمعدل خمسة أجزاء يوميا .. أفتطيق هذا ؟ التزم ولا تفرط..واياك واسهال ولا استسهال. على هذين المثالين فقس فى أجنحة المنهج الثلاثة : طلب العلم , والعبادة , والدعوة الى الله .. اجعل لك منهجا واضحا .. كم ركعة ستصلى فى اليوم ؟ وكم يوما ستصوم فى الاسبوع ؟ وكذلك وردك فى الذكر .. وكذا العلم والدعوة .. حدد ماذا ستفعل لتحاسب على ما حددت ولا تترك الامور مبهمة .. ولا تنس : المنهج معصوم ..كن سلفيا على المنهج .ّ