تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 22 صفر 1437هـ الموافق 5 ديسمبر 2015م
عدد الزيارات: 2682
ترى كيف يسافر المسافر وهو بلا مقصد ؟ فبالنية يتحدد السفر وتتوضح الوجهة وعلى أساسها يخطط منهج الرحلة طالت أم قصرت , وعلى صدقها يحمل الزاد .. وهكذا سفر المؤمن لابد له من النية الصادقة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله , ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه ". [متفق عليه]
فحدد هدفك – أخى الكريم – ماذا تريد بهذا الطريق .. تحديدا واضحا لا لبس فيه , حتى تستطيع الوصول الى ما حددته .
آلتزمت لتكون شيخا مشهورا أو زعيما متبوعا .. آلتزمت وسلكت هذا الطريق لفشلك فى الحصول على الدنيا , فأردت أن تحصل عليها بزعم الاخرة .. حدد هدفك أيها المسكين , واعلم أن العليم الخبير بالنوايا بصير.
لما ذهب اعرابى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فقسم له قسما من الفىء , قال الرجل : " ما على هذا تبعتك ! " .. فحرر نيتك : علام اتبعتنا ؟!
" والنية – أيها الحبيب – أصل العبادات , وبها يتميز الصحيح من السقيم , والخالص من غيره , وبالنية تتحدد منازل السالكين , ووجهة القاصدين , ومن يريد بها وجه الله تعالى , أو يريد السفر بأى نوع كالهجرة , اذ انها قد تكون لمصلحة دنيوية , أو دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها , وبهذه النية يتحدد الاخلاص الذى به يؤجر المرء على متاعب الطريق , وبه يستعذب العذاب , وبه تهون مشاق الطريق .
والاخلاص وحده يقود الى شفافية القلب , وصفاء الوجدان , لأن المؤمن لا يفكر بعده الا فى عظمة ربه ولا يتوجه الا الى خالقه .. فلا يضيره متاعب المثبطين , ولا نداء المرجفين , ولا يقعده فتور الهابطين ".
يقول ابن القيم – عليه رحمة الله - :
" فالاخلاص سبيل الخلاص , والاسلام هو مركب السلامة , والايمان شاطىء الامان ".
فاذا تحددت وجهتك – أيها السائر – وعلم مقصدك بتوحيدين هما : توحيد القصد وتوحيد المقصود , فالمقصود هو الله سبحانه وتعالى , والقصد ارادة وجهه الكريم .. اذا تحددت وجهتك هذه وعلم مقصدك هذا فقد استرحت فى هذه السفرة .. وسيتبين لك ذلك حين نذكر فيما بعد أن المشغبين كثير , والسبل مدلهمة , والعوارض تفتر العزائم .. فاذا حصل توحيد القصد وتوحيد المقصود لم يلتفت الى الاغيار .
فالنية – أخى السائر – النية .. النية بداية الطريق .. فطهر قلبك لتستعد للسفر