قال تعالى :( وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِى ٱلۡحَرِّۗ قُلۡ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّ۬اۚ لَّوۡ كَانُواْ يَفۡقَهُونَ )[ التوبة :81 ]
فأين حر الطقس من حر جهنم؟! ولو عقد المنافقون هذه المقارنة البسيطة لانطلقوا إلى غزوة تبوك في الحال وما تخلفوا عن رسول الله ، وكأن كل واحد ممن خرج قيل له : ما أخرجك في حرِّ الشَّمس؟! فقال : طلب الظِّل!!
وهذه المقارنة صالحة لكل زمان ومكان ، ولأي عبادة تشق على النفس فتكسل عنها ، وعندما يستحضر المرء هول جهنم وأنه سيضطر لتكرار نفس العمل لكن في اللهيب يبادر إليه في الحال.
وقد جزم بذلك أبو حامد الغزالي حين قرَّر مرهبا كل كسول منذرا كل خامل :
" واعلم أن كل عَرَق لم يخرجه التعب فى سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام وتردد فى قضاء حاجة مسلم وتحمل مشقة فى أمر بمعروف ونهى عن منكر ؛ فسيخرجه الحياء والخوف فى صعيد القيامة ويطول فيه الكرب" 1
ومثل ذلك قول الله تعالى :( وُجُوهٌ۬ يَوۡمَٮِٕذٍ خَـٰشِعَةٌ )[ الغاشية : 2 ]
فعن الحسن قال في تفسيرها :
" لم تخشع لله في الدنيا فأخشعها وأنصبها في النار فذلك عملها" 2
وعملها في النار : جر السلاسل والأغلال والخوض فيها والصعود والهبوط في تلالها ووهادها ، وذلك جزاء القعود عن العمل وطاعة الله تعالى في دنياها.
وجاء وصف ( خَـٰشِعَةٌ)و(عَامِلَةٌ۬ نَّاصِبَةٌ۬)تقريعا وتعريضا بأهل الشقاء بتذكيرهم بأنهم تركوا الخشوع لله والعمل بما أمر به والنصب في القيام بطاعته ، فجزاؤهم يوم الحساب خشوع ومذلة وعمل ونصب.
أحبتاه ..
من آثر النوم في الدنيا عن الصلاة .. من اختار أكل الحرام .. من اختار متعة محرمة سُرَّ بها قليلا ثم انقضت سريعا .. فليذكر بكاءه في جهنم وعويله في النار ، وعندها قوة الردع العاصمة وصرامة المنع الواقية لمن كان له قلب أو بقية من عقل.