تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 8 شهر رمضان 1436هـ الموافق 25 يونيو 2015م
عدد الزيارات: 3134
إن عبادة الصيام هي عبادة امتناعية وليست عبادةً عملية، فكل العبادات يجب فيها أن نفعل إلا الصوم فهو العبادة الوحيدة التي يجب فيها ألا نفعل! وهذه العبادة الامتناعية هي عبادة متصلة من الفجر إلى المغرب، وفي هذا إشارة عظيمة هي أننا إن كنا عادةً نخشع لله في الصلاة مدة الصلاة ثم ينشغل كل منا بحاله، فإننا في حال الصيام يجب أن نخشع لله كل مدة العبادة، وهو خشوع ذو أمد نتدرب فيه على مراقبة الله والاتصال به في كل حياتنا..
والمميز جدًا في عبادة الصيام هي أنها العبادة الوحيدة التي تمتزج بعملنا اليومي في إعمار الأرض لأنها عبادة امتناعية لا تتعارض أن تحدث في نفس وقت العمل! ليس هذا فحسب بل أنها في الوقت ذاته تعلمنا كيف يكون إعمارنا الأرض خاشعًا لله بخشوع الصيام!
وهذا الإعمار الخاشع لله يشير لأمرين:
1- أن الدنيا ليست منفصلة عن الدين كما هو مذهب العلمانية الباطل.
2- أن العكس هو الصحيح فالدين يحوي الدنيا ويمتزج بها وإلا لما كان ديناً، فخشوع الصوم يؤدي إلى إتقان العمل لأنه يحدث في الوقت ذاته، والتفرغ من الطعام والشراب والشهوة يؤدي إلى التفرغ للعمل دون أي شاغل يشتت الذهن، فالصوم إذًا هو عامل محفز للمسلم على إحسان عمله وإتقانه.
الخلاصة هي أن هذا المزيج في حياة المسلم بين الخشوع لله والعمل الصالح هو ما يطلبه الله منا في هذه الحياة، فإن الله تعالى عندما يذكر الإيمان يذكر العمل الصالح معه غير منفك عنه {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، [البقرة من الآية:277]. فلا إيمان بلا عمل صالح ولا عملاً صالحا بلا إيمان، لذا حُقَّ للصيام أن يكون طريق التقوى.