تصنيفات المقال:
التاريخ والقصص
تاريخ النشر: 17 شعبان 1436هـ الموافق 4 يونيو 2015م
عدد الزيارات: 4524
أذكر عالما جليلا كبير القدر لا يعرفه أكثر المتخصصين فضلا عن غيرهم، وهو واحد ممن تزخر بهم أمتنا الولادة صاحبة المصانع المتفردة لإنتاج الرجال، هذا العالم من مشايخ ابن عساكر والسمعاني وابن الجوزي وممن حدث بصحيح الإمام البخاري في القرن السادس الهجري اسمه :(عبد الأول بن عيسى بن شعيب )وكنيته : (أبو الوقت )هذا العالم الجليل .
انظر كيف صنع أبوه؟
يقول يوسف بن أحمد الشيرازي: رحلت إلى أبي الوقت وكان في بلاد كرمان، وهي بلاد بعيدة فلما دخلت عليه قال: ما جاء بك إلى هذه البلاد؟ فقلت له ما كانت رحلتي إلا إليك سعيت إليك لأسمع منك ومعولي بعد الله عليك وقد نسخت من حديثك ما وقع إلي بقدمي،وسعيت إليك بقدمي لأنال بركة أنفاسك وآخذ من علو إسنادك، فقال له نسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة له.
(إنك لو عرفتني،حق معرفتي ما جلست إلي ولا ألقيت السلام علي، ثم بكى بكاءا مرا أبكى كل من حوله )ثم قال له: وأنا أيضا لما أردت أن أسمع صحيح البخاري خرجت على قدمي ثم حكى هذه الحكاية العجيبة قال:
خرجت مع أبي وأنا دون العشرة والتواريخ تقول إنه كان ابن سبع سنوات، وخرج من بلد اسمها هراة إلى بلد اسمها بوشنج، مسافة قال: وكان أبي يأمرني أن أحمل في يدي قالبين من الحجارة، في كل يد حجرا، يقول وأنا أمشي وأبي يتأملني فإذا عييت يقول لي: تعبت فكنت أخاف منه فأقول له لا، لكن يظهر علي التعب فيقول لي ألق حجرا فيلقي حجرا ويمشي حتى يتعب، فيقول له تعبت فيقول من مخافته لا، فيقول مالك لا تسير ثم يقول فأجد في السير وأتعب فأبطئ فيقول لي ارم الحجر الآخر، فأرمي الحجر وأظل أمشي حتى أعجز عن المشي فيحملني على كتفه فيقابلنا الفلاحون ومعهم ركائب يقولون يا عيسى هو والد عبد الأول، اركب معنا أنت وابنك فيقول لهم معاذ الله أن أركب في طلب حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل أنا أمشي وإذا تعب ولدي حملته على رأسي صيانة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وكان انتوى أن يفعل ذلك فقال عبد الأول فبحسن نيته وجميل تربيته وعنايته صرت إلى ما ترى وكانت الرحلة رحلة العلماء وطلاب العلم من الآفاق إلى هذا الإمام الجليل عبد الأول، ما الذي فقده عبد الأول وما الذي خسره وهل قسا عليه والده قسوة غير محمودة، يدرب الولد ابن سبع سنوات يتعامل أبوه معه هكذا، كانت إرادته من حديد.