تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 8 شعبان 1436هـ الموافق 26 مايو 2015م
عدد الزيارات: 6143
يقول ابن الجوزي- رحمه الله-: (قد يَعرِضُ عند سماعِ المواعظ للسامِع يقظةٌ فإذا انفصل عن مجلسِ الذِكر عادت القسوة والغفلة ، فتدبرت السببُ في ذلك ، فَعَرفته ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين:-
أحدهما: أن المواعظ كالسِيَاط، والسياط لا تُؤلِم بعد انقِضَائِها إِيلَامَهَا وقت وقوعها.
ثانيها: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَة ، قد تَخَلَّى بجسمهِ وفكرهِ عن أسباب الدنيا ، وأنصَتَ بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغلِ اجتَذَبَتهُ بِآفَاتِهًا ، فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ وهذه حالة تَعُمُ الخلق ، إلا أن أربابَ اليقظة يتفاوتون في بقاء الأَثَر ، فمنهم من يَعزِم بلا تردد ويمضي من غير التفات ، فلو توقف بهم رَكبُ الطَبعِ لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حَنظلة ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلةِ أحيانا ويدعوهم ما تقدم من المواعظِ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسُنبلة تُمِيلُها الرياح وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كمَاءٍ دَحرَجتَهُ على صفوان)
يقول ابن الجوزي: ( فتدبرت السببُ في ذلك ، فَعَرفته ، ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين )فيكون المقصود الأعظم من هذه الموعظة القلب .
يقول: (الحالة العامة أن القلبَ لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظةِ وبعدها ، لسببين:-أولاً: ( أن المواعظ كالسِيَاط، والسياط لا تُؤلِم بعد انقِضَائِها إِيلَامَهَا وقت وقوعها.)الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان إذا وعظ احمرَّ وجهه وانتفخت أوداجه كأنه منذر جيش ، يقول صبَّحكم ومسَّاكم ، فنفهم من هذا الكلام أن الوعظ له سمت ، هذا السمت نحن ممكن نسميه تسميه ربما أتجاوز فيها سمت استفزازي وأن الواعظ الحقيقي هو الذي يستطيع أن يستفز المستمع القصد من الموعظة إيقاظ القلب.
سَمَتْ الْمَوْعِظَةِ: الشدة ، الاستفزاز .لذلك يقول للعلماء : إذا لم يكن للكلام مقتضي ينبغي أن توجد له مقتضي يقول: أن الموعظة كالسياط تجلي القلب وتجلي السمع ، والسياط تؤلم في حال وقوعها أما بعدما يبرد الجلد فينتهي أثر الألم فالموعظة كذلك .
ثانياً: ( أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزَاحَ العِلَة )مُزَاحَ الْعِلَّةِ: أي ليس عنده عله ، أتى إلى المسجد وقد هيأ نفسه لسماع الموعظة وكما قلت لكم لو أن واحد من الناس ، جاء ليصلي الجمعة دخل وجد مسرح في المسجد وجماعة ممثلين يرقصون على المسرح وغير ذلك ، هل سيقبل هذا الكلام ؟ لا ، لن يقبله ، لماذا ؟ لأنه أتي ليسمع الموعظة ،.
فيقول: ( الإنسان في حال الموعظة يكون مزاح العلة ، قد تَخَلى بجسمهِ وفكرهِ عن أسباب الدنيا ، وأنصَتَ بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغلِ اجتَذَبَتهُ بِآفَاتِهًا ، فكيف يصح أن يكون كما كان ؟ وهذه حالة تَعُمُ الخلق ) لا يوجد أحد فينا فاضل أو غير فاضل إلا يعرض له هذا ، يكون في المسجد حالته عالية جدًا وبعد أن يترك المسجد ويمشي حالته تقل ، وقال هذه حالة تعم الخلق .
( إلا أن أربابَ اليقظة يتفاوتون في بقاء الأَثَر ) هذه الموعظة كم ستظل معك ؟ أسبوع ، عشرة أيام شهر سنة ، فهذا الذي يتفاوت فيه الخلق بقاء أثر الموعظة على قدر بقاء اليقظة في القلب وكما تعلمون حديث حنظلة الأُسيدى وكان من كتاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم: ( لما لقي أبا بكر في الطريق , فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قال نافق حنظلة ، قال له: أنظر ماذا تقول قال: نكون عند النبي –صلى الله عليه وسلم- يحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين فإذا رجعنا إلى رحالنا عافسنا النساء والأولاد والأموال والضياع نسينا كثيرًا مما سمعنا ، فقال أبو بكر والله إني لأجد ذلك ، فذهبوا إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- أول ما دخل حنظلة علي النبي–صلى الله عليه وسلم-قال: نافق حنظلة ، قال: ماذا تقول ؟ قال: يا رسول الله نكون عندك فتحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين ، فإذا عافسنا النساء والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا مما تقول ، قال يا حنظله: لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات) ، أي سيكون رباني لو يدوم على ما يكون عليه في مجلس الوعظ من انتباه القلب الكامل .
(لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر ) أي وفي ذكر الله- تبارك وتعالي- ( لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات ولكن يا حنظله ساعة وساعة ) .
من الغباء في الفهم: يأخذ هذه الجزئية فقط ويعمل برنامج اسمه ساعة لقلبك ، لا ساعة ربك هذه لا يقولها ، لا ، ساعة لقلبك على اعتبار أن ساعة الرب هي التعب والغم.
وَمَا عَلِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ سَاعَةً الْقَلْبُ عَلَىَ الْحَقِيقَةِ هِيَ سَاعَةٌ ذِكِرَ الْرَّبُّ– تَبَارَكَ وَتَعَالَي-هذه هي ساعة القلب وحياة القلب ، والإنسان الذي لا يعرف هذه الحقيقة ميت فعلاً، لا يعرف معنى الحياة ، قال الله تعالي: :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾(الأنفال:24) ، وقال في شأن القرءان:﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ﴾(يس:70) أي إنسان حي القلب هو الذي ينتفع بقراءة القرءان , فقول النبي- وكما تعلمون حديث حنظلة الأُسيدى >
وكان من كتاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم " لما لقي أبا بكر في الطريق , فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قال نافق حنظلة ، قال له: أنظر ماذا تقول ، قال: نكون عند النبي –صلى الله عليه وسلم- يحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين فإذا رجعنا إلى رحالنا عافسنا النساء والأولاد والأموال والضياع نسينا كثيرًا مما سمعنا ، فقال أبو بكر والله إني لأجد ذلك ، فذهبوا إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- أول ما دخل حنظلة علي النبي–صلى الله عليه وسلم-قال: نافق حنظلة ، قال: ماذا تقول ؟ قال: يا رسول الله نكون عندك فتحدثنا عن الجنة والنار حتى كأن رأي عين ، فإذا عافسنا النساء والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا مما تقول ، قال يا حنظله: لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات " ، أي سيكون رباني لو يدوم على ما يكون عليه في مجلس الوعظ من انتباه القلب الكامل .
)لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر ) أي وفي ذكر الله- تبارك وتعالي- ( لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات ولكن يا حنظله ساعة وساعة ) .
أي إذا استجممت ببعض الباطل المباح فهذا مما يعين الدابة على السير إلى آخر الطريق ، .