تصنيفات المقال:
التاريخ والقصص
تاريخ النشر: 5 شعبان 1436هـ الموافق 23 مايو 2015م
عدد الزيارات: 10518
عبد الله بن مسعود – رضى الله عنه-كان من السابقين الأولين من المهاجرين:، هاجر إلى الحبشة مرتين وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وتنبأ له النبي-صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الذي رواه أحمد وغيره بإسناد حسن ، عن ابن مسعود – كيف بدأ إسلام ابن مسعود وكيف رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وانبهر به ومن ثم أسلم؟-.
قال عبد الله بن مسعود– رضى الله عنه-: « كنت أرعى غنماً لعقبة ابن أبي مُعَيْط ،إذ جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وقد فرا من المشركين ، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: يا غلام ، عندك لبن ؟ قال: نعم ولست بساقيكما فإنني مؤتمن،فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل عندك من غنمة لم ينزو عليها الفحل؟،قال له نعم ، قال له : هاتها –عندما أخذها مسح ضرعها ودعا بالبركة فامتلأ الضرع باللبن -صلى الله عليه وسلم-، وجاء أبو بكر الصديق بصخرة منقعرة،ونظفها وحلب في هذه الصخرة اللبن حتى امتلأت الصخرة باللبن ،فشرب النبي- صلى الله عليه وسلم- وشرب أبو بكر وشرب ابن مسعود ، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم -للضرع-: أقلص- أي عد كما كنت فرجع كما كان .
عندما رأى ابن مسعود– رضى الله عنه- ما حدث من النبي-صلى الله عليه وسلم-من المعجزات الحسية، فقال له- (: يَا رَسُوْل الْلَّه عَلِّمْنِي مِن هَذَا ، قَال لَه: إِنَّك غُلَيِّم مُعَلَّم أَو غُلَام مُعَلم - غُلَيِّم تصغير غلام,شهد له الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أول ما رآه بالنجابة ، قال: إنك مُعَلَّم ، جاء ابن مسعود فأسلم عند النبي -صلى الله عليه وسلم -، قال ابن مسعودٍ- فَلَقَد أَخَذْت مِن فِي رَسُوْل الْلَّه -صلى الله عليه وسلم -أي من فمه – سَبْعِيْن سُوْرَة لَم يُشَارِكُنِي فِيْهَا أَحَد», وهذا، لمن قيل له انزل على قراءة زيد ، قال : على قراءة من تأمرونني أقرأ ؟ على قراءة زيد! لقد أخذت من في النبي -صلى الله عليه وسلم- سبعين سورة وإن زيداً له ذؤابتان يلعب مع الصبيان يريد أن يقول أنا أقدم منه في الأخذ من فم النبي -صلى الله عليه وسلم-.
لذلك في مرة من المرات ، كان أصحاب عبد الله مع عبد الله بن مسعود يقرؤون القرآن في دار أبي موسى الأشعري ، وكان أبو مسعود ألبدري من ضمن الرفقة التي تجلس في هذا المجلس، قام عبد الله بن مسعود ودخل بعض الحجر في البيت ، فلما انفتل عبد الله ، قال أبو مسعود ألبدري: « لَا أَعْلَم أَحَدا هُو أَعْلَم بِكِتَاب الْلَّه مَن هَذَا الَّذِي قَام ، فَقَال لَه أَبُو مُوْسَى الْأَشْعَرِي: أُمَّا قَد قُلْت ذَلِك ، فَقَد كَان يَحْضُر إِذَا غِبْنَا وَيَدْخُل إِذَا مُنَعَنَا» .
-هذا أيضا فيه إشارة إلى قرب عبد الله بن مسعود من رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وكان عبد الله بن مسعود وَقَّافَاً عند كتاب الله- عز وجل- كسائر الصحابة رضي الله عنهم ، ما كانوا يتعبدون بمعرفة النصوص ، إنما كان إذا بلغهم شيء من كتاب الله – عز وجل- أو من سنة النبي-صلى الله عليه وسلم -كانوا يقفون حتى يعملوا به.
كما قال أبو عبد الرحمن السلمي : ( حَدَّثَنَا بِالَّذِين يَقْرَؤونَنا الْقُرْآَن أَنَّهُم مَا كَانُوْا يَتَجَاوَزُوْن الْعَشْر آَيَات مِن كِتَاب الْلَّه - عز وجل- حَتَّى يَعْمَلُوَا بِهِن، قَال: فَتَعَلَّمْنَا الْعِلْم وَالْعَمَل جَمِيْعا)هذا كان دأب الصحابة ، وعلى رأس هؤلاء كان عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه-.
وفي ذلك واقعة شهيرة معروفة :وهي في الصحيحين من حديثه رضي الله عنه، أنه قال: «لَعَن الْلَّه الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْنَّامِصَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْن الْمُغَيِّرَات خَلْق الْلَّه » فكان هناك امرأة من بني أسد يُقال لها: أم يعقوب ، عندما سمعت هذا الكلام ، وكانت قارئةً لكتاب الله – عز وجل- ، ذهبت إلى المصحف وقرأته من أوله لآخره لكي ترى : لعن الله ، لم تجد.
فجاءت إلى ابن مسعود ، فقالت له : يا ابن مسعود أنت تقول كذا وكذا وأعادت عليه الكلام ، فقال لها: « وَمَالِي لَا أَلْعَن مَن لَعَن الْلَّه وَهُو فِي كِتَاب الْلَّه ، فَقَالَت لَه: لَقَد قَرَأْت الْقُرْآن مَا بَيْن دَفَّتَيْه - من الجلدة للجلدة- ولم أجد هذا الذي تقول ، قال لها-: لَئِن كُنْتِي قَرَأْتِيْه لَقَد وَجَدْتِيه». هذا هو الفقه لابن مسعود من يريد أن يتعلم الفقه ويتعلم كيف تُنتزع الأحكام من الأدلة التفصيلية فليتعلم من واقعة ابن مسعود هذه .قال: «لَئِن كُنْتِي قَرَأْتِيْه لَقَد وَجَدْتِيه قَالَت: قَد قَرَأْتَه مَا بَيْن دَفَّتَيْه وَمَا وَجَدْتُه قَال: أَمَّا قِرْأَتِي قَوْل الْلَّه – عز وجل- ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾» فهذا مما نهانا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
هذا يشمل كل أمرٍ سواء كان أمر إيجابٍ أو كان أمر استحبابٍ أو كان أمر إباحة على قول من يجعل الإباحة بخلاف الأوامر ,لكن على الأقل أمر الوجوب وأمر الاستحباب﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ هذه الآية هل تركت أمراً؟ ما تركت أمراً، ﴿ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾وهذا أيضاً ما ترك نهياً,إذن هذه الآية جمعت سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليس من الضروري كل مسألة جزئية أأتي فيها بدليل خاص، لا، لا أحد من جماعة العلماء يقول أن كل مسألة لا سيما من مسائل النوازل لابد أن يكون لها دليل خاص، لا.
فابن مسعود يقول لها : إن لعن الواشمة – التي تجرح نفسها وتقوم بعمل الوشم بالكحل- حديث قديماً كانوا يكتبون قبل البطاقات الشخصية كانوا يكتبون اسم الشخص بالوشم على ذراعه ، اسمه وبلده وهناك أناس يستعملوا الوشم الآن كزينة وهذا طبعا محرَّم ، صاحبة ملعون من يفعل هذا – والنامصة – التي تأخذ شعر الحاجب ، تنتف الشعر ، النمص هو قلع الشهر من الجذر، والمتفلجات للحسن : التي تقوم بعمل فارق للأسنان ، المغيرات خلق الله.فقال لها: لئن قرأتيه لقد وجدتيه إذن كما قال الشافعي رحمه الله: (كُل أَمْر مِن أَوَامِر الْنَّبِي -صلى الله عليه وسلم- مَرَدُّهَا إِلَى الْقُرْآَن وَكُل نُهِي كَذَلِك)– لئن كنتي قرأتيه لقد وجدتيه .فقالت له أم يعقوب : « إن امرأتك تفعل شيئاً من ذلك – وهي زينب – تتنمص مثلاً فقال: « اذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَت الْمَرْأَة فَنَظَرْت ثُم رَجَعَت إِلَى ابْن مَسْعُوْد ، قَالَت : لَم أَر شَيْئا مِن ذَلِك ، فَقَال: أَمَا إِنَّهَا لَو فَعَلْت لَم نُجَامِعْهَا»، أي ما أبقيناها معنا في عيشة واحدة كان سيطلقها فوراً،.
ابن مسعود كان كما قلت كسائر الصحابة ، كانوا يتدينون بالقرآن والسنة ، ولذلك عندما فُتحت الشام والعراق وهذا الكلام في زمان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- أرسل ابن مسعود وعمار مع جماعة من الصحابة يعلمون الناس السنن وقال: ( إِنَّهُمَا مِن الْنُّجَبَاء مِن أَصْحَاب مُحَمَّد -صلى الله عليه وسلم-.)
-شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن مسعود – رضى الله عنه- بالنباهة لما قال له: « إِنَّك غُلَيِّم مُعَلَّم أَو غُلَام مُعَلم» .
– وكان ابن مسعود- رضي الله عنه- ضعيفاً:،لم يكن ينتمي إلى عشيرة قوية.
في الصحيحين من حديث ابن مسعود ، قال رضي الله عنه: « بَيْنَمَا رَسُوْل الْلَّه-صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي عِنْد الْبَيْت ، إِذ قَال أَبُو جَهْل ، مَن يَأْخُذ سَلَا جَزُوْر بَنِي فُلَان – وكان جزور ذبح بالأمس والسلا:هي كرشة الجزور أي الجمل- فيضعه على ظهر محمد وهو ساجد فانبعث أشقاها وهو عقبة ابن أبي مُعَيْط أخذ سلا الجزور ووضعه على ظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وجعلوا يستضحكون ، ويميل بعضهم على بعض، قال ابن مسعود: ( لو كانت لي منعة) – أي لو كانت لي عشيرة تحميني من بطش هؤلاء – (لرفعت هذا السلا من على ظهره -صلى الله عليه وسلم-.)
-النبي-صلى الله عليه وسلم -ظل ساجداً كما هو لم يتحرك حتى قضى سجوده ، وأخبر إنسان فاطمة -رضي الله عنها-، فجاءت وهي جارية تسعى ، حتى طرحت هذا السلا عن ظهره -صلى الله عليه وسلم - وأقبلت على هؤلاء الصناديد تسبهم ، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا عليهم .
وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً: فلما دعا وقال: « اللهم عليك بقريش ذهب عنهم الضحك»، وكانوا يخافون دعوته ، فدعا عليهم جميعاً يقول ابن مسعود: فلقد رأيت هؤلاء يجرون إلى قليب بدر-، أي أن هؤلاء الذين دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عليهم قتلوا جميعاً يوم بدر.
-وظل ابن مسعود فقيراً: أي كان ضعيف العشيرة ، ضعيف البنية ، وقد ثبت هذا في مسند الإمام أحمد بسند حسن من حديثه – رضى الله عنه-، قال: «كنا نجتني الآراك – وهو الشجر الذي يخرج منه السواك- فَضَحِك الْصَّحَابَة مِن دِقَّة سَاقَيْه ، فَقَال:- صلى الله عليه وسلم-: مِم تَضْحَكُوْن ؟ قَالُوْا : يَا رَسُوْل الْلَّه مِن دِقَّة سَاقَيْه ، قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لَهُمَا أَثْقَل فِي الْمِيْزَان مِن أُحُد».
وفي مسند الإمام أحمد وكتاب الأدب المفرد للإمام البخاري بسند حسن أيضاً:عن علي بن أبي طالب – رضى الله عنه- « أَن الْنَّبِي -صلى الله عليه وسلم -أَمْر ابْن مَسْعُوْد أَن يَرْكَب شَجَرَة وَأَن يَأْتِي لَه بِشَيْء، فَلَمَّا نَظَر الْصَّحَابَة إِلَى دَقَّة سَاقَيْه ، ضَّحِكُوَا أَيْضا ، فَقَال: مِم تَضْحَكُوْن؟ ، قَالُوْا : يَا رَسُوْل الْلَّه نَضْحَك مِن دَقَّة سَاقَيْه ، فَقَال- صلى الله عليه وسلم- :لَهُمَا أَثْقَل فِي الْمِيْزَان مِن أُحُد ».
-إذن كانت عشيرته ضعيفةً ، وكان ضعيف البنية ، وكان فقيراً ، كما في الصحيحين من حديث زينب الثقفية وهي امرأة ابن مسعود « أَنَّهَا سَمِعَت رَسُوْل الْلَّه -صلى الله عليه وسلم- يَقُوْل: تَصَدَّقْن وَلَو مِن حُلِيِّكُن ، فَلَمَّا سَمِعَت زَيْنَب هَذَا قَالَت لِابْن مَسْعُوْد وَكَان رَقِيْق الْحَال-أي كان فقيرا- لكن امرأته زينب كانت غنية تخرج الزكاة- فَقَالَت لِابْن مَسْعُوْد: اذْهَب إِلَى الْنَّبِي- صلى الله عليه وسلم- فَسَلْه هَل يَجُوْز لِي أَن أُعْطِيَك مِن زَكَاة الْمَال ؟ قَال لَهَا: سَلِيَه أَنْت ، فَذَهَبَت زَيْنَب إِلَى الْنَّبِي عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام إِلَى بَيْتِه وَوَقَفْت عَلَى الْبَاب ، فَلَقِيْت امْرَأَة أُخْرَى اسْمُهَا زَيْنَب أَيْضا ، سَأَلْتُهَا مَا الَّذِي أَقْدَمَك ؟ قَالَت : جِئْت أَسْأَل الْنَّبِي -صلى الله عليه وسلم- هَل يَجُوْز أُعْطِي زَكَاة مَالِي لِزَوْجِي» ؟ جاء بلال، فزينب امرأة ابن مسعود كلمت بلالا ًوقالت له : سل النبي- صلى الله عليه وسلم- هل يجوز أن أعطي زوجي من زكاة مالي أم لا؟ ولا تخبره من أنا – أنظر إلى الستر على الزوج لا سيما إذا كان فقيراً والمرأة هي التي تتصدق على زوجها حتى إن ابن مسعود نفسه أبى أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى لا ينكشف حاله فهي فهمت القصة ، فلم يرد في رواية في طريق من طريق الحديث أن ابن مسعود قال لها: لا تخبري من أنت ولا هذا الكلام، لا لم يقل شيئاً من هذا ، ولكن المرأة فاهمة المسألة ولذلك قالت لبلال لا تقل من أنا.
لكن عندما دخل بلال وسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال له: (من السائلة ؟) - لا يستطيع بلال أن يقول له لا وهذا الكلام ، قال: (زينب ، قال: أي الزيانب؟) فانظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يعرف – فبلال قال زينب والمدينة فيها أكثر من زينب « قَال: امْرَأَة ابْن مَسْعُوْد ، قَال : نَعَم لَهَا أَجْرَان أَجْر الْصِّلَة، وَأَجْر الْقَرَابَة »فهي كانت تريد أن تصرف هذا المال لأولاد أخ لها كانوا أيتاماً، فقال : لها أجران.
-إذن ابن مسعود كان ضعيف من كل الاتجاهات ، لم يكن له مَنعة ، وكان ضعيف البنية حتى أن الريح كانت تكفئه ، كما في حديث ابن مسعود الذي ذكرته من مسند الإمام أحمد ، كانت الريح تكفئه من شدة ضعفه ونحافته ، لو هبت ريح تقلبه على ظهره وكان فقيراً، ومع ذلك كان مقرباً من النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الذي رفعه .
-في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري ، قال: « أَتَيْت أَنَا وَأَخِي مِن الْيَمَن وَلَقَد ظَلِلْنَا زَمَانا نَظُن أَن ابْن مَسْعُوْد مِن أَهْل الْبَيْت ، لِكَثْرَة مَا كُنَّا نَرَاه وَأُمَّه عِنْد الْنَّبِي -صلى الله عليه وسلم- »
-وكان له خصوصية لما قال له النبي- صلى الله عليه وسلم-: « إِذْنِك عَلَي أَن تُرْفَع الْحِجَاب وَأَن تَسْمَع سِوَادي حَتَّى أَنْهَاك » فانظر : إذنك علي أن ترفع الحجاب: وتسمع سِوادي : السواد: هو السر فأذن لابن مسعود أن يدخل بيته في أي وقت ولو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يناجي أحداً من الناس سراً ، كان ابن مسعود يدخل.
-اختص ابن مسعود - رضى الله عليه- بثلاثة أشياء: كما قال أبو الدرداء: قال لعلقمة ابن قيس: «أَلَيْس فِيْكُم صَاحِب الْنَّعْلَيْن وَالْسِّوَاك وَالْوِسَاد» ؟»
-كان ابن مسعود- رضى الله عنه دوما نعل النبي -صلى الله عليه وسلم- معه في يده ، وكان هو الذي يلبس النبي -صلى الله عليه وسلم- نعله ، وكان هو الذي يهتم بسواكه ، يقوم على سواكه وهو صاحب الوسادة.
- حتى أن عبد الرحمن بن يزيد قال لحذيفة : (أَخْبَرَنَا أَو حَدَّثَنَا عَن أَقْرَب الْنَّاس سَمْتَا وَدَلا وَهَدْيَا بِرَسُوْل الْلَّه-صلى الله عليه وسلم -، فَقَال: أَقْرَب الْنَّاس دَلِا وَسَمْتَا وَهَدْيَا بِرَسُوْل الْلَّه -صلى الله عليه وسلم- هُو ابْن مَسْعُوْد، وَلَقَد عَلِم الْمَحْفُوظُون مِن أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه -صلى الله عليه وسلم- أَن ابْن مَسْعُوْد أَقْرَبَهُم وَسَيْلَة مِن الْلَّه وَزُلْفَى ).
-واختص أيضاً بشيء ما علمناه لأحد من الصحابة : كما في الحديث الصحيح من حديث ابن مسعود أيضاً ، قال: « جَاء الْنَّبِي -صلى الله عليه وسلم -بَيْن أَبِي بَكْر وَعُمَر فَدَخَل الْمَسْجِد فَكَان ابْن مَسْعُوْد يُصَلِّي مِن سُوْرَة الْنِّسَاء ، فَلَمَّا وَصَل إِلَى مِائَة آَيَة مِّن سُوْرَة الْنِّسَاء رَكَع وَجَعَل يَدْعُوَا ، فَقَال لَه الْنَّبِي -صلى الله عليه وسلم–لَه: سَل تُعْطَه» - طبعاً ابن مسعود لا يراه لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد هو وأبو بكر وعمر وجد ابن مسعود يصلي ووصل عند الآية رقم مائة من سورة النساء وركع يدعوا فلما انتهى ابن مسعود من صلاته ذهب إليه أبو بكر لما أصبح ،يبشره بأن دعاءه استجيب لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال له: سل تعطه-،وسأله ما الذي دعوت به ؟ فقال : « قُلْت الْلَّهُم إِنِّي أَسْأَلُك إِيِمَانَا لَا يَرْتَد ، وَنَعِيْمَا لَا يَنْفَد وَمُرَافَقَة نَبِيِّك -صلى الله عليه وسلم- فِي أَعْلَى جِنَان الْخُلْد» .
وفي نصف النهار ذهب عمر بن الخطاب ليبشر ابن مسعود بهذه البشرى فوجد أبا بكر سبقه، فقال : «يَرْحَم الْلَّه أَبَا بَكْر مَا سَابِقَتِه إِلَى شَيْء إِلَّا سَبَقَنِي ».
في هذه الحادثة قال: من سره أن يقرأ القرآن غضاً طرياً كما نزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ، وهو ابن مسعود يعني ,ولذلك ابن مسعود عندما قالوا له: اقرأ على قراءة زيد ، أبى وقال: على قراءة من تَأْمُرُوْنَنِي أَن أَقْرَأ عَلَى قِرَاءَة زَيْد؟ وَالْلَّه لَقَد أَخَذْت سَبْعِيْن سُوْرَة مِن فِي رَسُوْل الْلَّه - صلى الله عليه وسلم- وَإِن زَيْدَا لَه ذُؤَابَتَان يَلْعَب مَع الْصِّبْيَان.وكان يقول: ( لَو أَعْلَم أُحُدْا أَعْلَم مِنِّي بِكِتَاب الْلَّه-عز وجل- تَضْرِب إِلَيْه أَكْبَاد الْإِبِل لَرَكِبْت إِلَيْه).
وقد توفي في آخر خلافة عثمان سنة نيف وثلاثين أي في حدود سنة 32 توفي ابن مسعود – رضى الله عنه-، وعافاه الله – عز وجل- أن يرى الفتنة التي فُتحت على المسلمين بمقتل أمير المؤمنين عثمان ابن عفان – رضى الله عنه-.
أَسْأَل الَّلَه تَبَارَك وَتَعَالَى أَن يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا وَأَن يُعَلِّمُنَا مَا جَهِلْنَا وَأَن يَجْعَل مَا قُلْتُه لَكُم زَادَا إِلَى حُسْن الْمَصِيْر إِلَيْه وَعْتَادّا إِلَى يَمُن الْقُدُوْم عَلَيْه إِنَّه بِكُل جَمِيْل كَفِيْل وَهُو حَسْبُنَا وَنِعْم الْوَكِيْل وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم وَبَارَك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد وَالْحَمْد لِلَّه رَب الْعَالَمِيْن.