تصنيفات المقال:
الزهد والرقائق
تاريخ النشر: 30 رجب 1436هـ الموافق 18 مايو 2015م
عدد الزيارات: 3528
الانتماء الصادق له وقود وجناحان، وقود الانتماء: المحبة: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُباًّ لِّلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]، وفي الحديث المتفق عليه من حديث أنس - رضى الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما»، الجناحان :الولاء والبراء ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 31]، ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ [المجادلة: 22]، الأب والأخ يتبرأ الولد من أبيه والوالد من ابنه لصدق الانتماء، ثبت عن سعد بن أبي وقاص - رضى الله عنه- قال نزلت فيه هذه الآية: ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾ [لقمان: 15]، وكنت أبر الناس بأمي، فلما أسلمت قالت ما هذا الذي فعلت؟ والله لا أكل ولا أشرب وأموت فتعير بي، فيقال يا قاتل أمه حتى تدع دينك، قال: وكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فمها بالعصا، تستعصي عليهم، قال: فظلت يوما لا تأكل ويوما لا تأكل حتى هزلت فجئتها فقلت لها يا أم والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني كلي أو دعي.
صدق الانتماء يخفف من هزيل الحياة هو الذي يهون عليك البلاء، انظر إلى أصحاب الكهف:﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13]، ذكر المفسرون: أن هؤلاء الفتية كانوا أولاد علية القوم، وفي يوم عيدهم تنصل واحد من مجتمعهم وانفرد تحت شجرة وتنصل آخر وجلس بجانبه ليس بينهم اتفاق وجاء ثالث ورابع، وتحدثوا ما هذا الذي يفعله قومنا؟، وتركوا العيش الرغيد ولاءا لله - عزوجل- ولذلك كان من جزاءهم أن الله - عز وجل-قال: ﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ رجل يعيش عيش رغيد، يدخل في قعر كهف خشن ما الذي يحمله على ذلك وما الذي خفف عنه مثل هذا الضيق؟، إذا رأيت التقي من ظهر فاسق، فقل سبحان الذي يخرج الحي من الميت، مثل الذي يذكر الله - عزوجل-، والذي لا يذكره كمثل الحي والميت.
إن الفاسق والفاجر والمبتدع، شرع لك ألا تلقي السلام عليه، في حين أنك إذا ذهبت إلى المقابل فقل السلام عليكم، فكأن الميت أفضل من هذا الفاسق، تلقي السلام على الميت وتشح به على الفاسق، هو لا يستحق الحياة.
الانتماء الذي يخفف هجير المحنة،: فنحن في أمس الحاجة إلى هذا الانتماء لأن دعوة الرسل كلها عقبات، فإذا لم يكن هناك انتماء تخلص المرء من هذا البلاء وانقضى عزمه ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواًّ شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً ﴾ [الأنعام: 112]، ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواًّ مِّنَ المُجْرِمِينَ ﴾ [الفرقان: 31].
وقال ورقة بن نوفل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما جاء رجل بمثل ما جئت به إلا عودي»، فإن لم يكن هناك انتماء صادق انفسخ العزم وقصر النفس، انتماء هو اللب، الذي حوله نسعى.
من بركات الانتماء، أنك إذا اخترت الله - عز وجل- ورسوله يزيدك هدى:﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ ويرفع عنك البلاء ولا تشعر به كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الشهيد لا يشعر بوقع القتل إلا كما يشعر أحدكم بالقرص» يرفع الله - عز وجل- ألم هذا الضرب الشديد فيجعله من القرصة، يعني خففه إلى أقل غاية أيترك أوليائه يتخطفون في الأرض لا والله.
فلا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل.