تصنيفات المقال:
الدعوة إلى الله
تاريخ النشر: 13 رجب 1436هـ الموافق 1 مايو 2015م
عدد الزيارات: 6490
سلك أعداؤنا سبلا شتى في إضلال أمتنا وبسبب التلوين والتلبيس انطلى قولهم على بعض أبنائنا :
فهم الذين حملوا لواء هؤلاء الأعداء في ديارنا ومن هنا جاء الخطأ أعداءنا درسوا تاريخنا وعرفوا أننا أمة باذلة أمة عليها طابع الفداء فلما علموا ذلك ورأوا أنهم إذا دخلوا معنا في مواجهات لا تكون العاقبة مأمونة فسموا كل شيء بضده، هذا الانتماء سموا نقيضه الحياد،و صار هذا الحياد منهجا للدراسات العلمية في الجامعات، إنك تكون محايد، محايد أي لا تنتمي إلى أي جهة،.
و من المستحيل ألا ينتمي المرء إلى شيء هذا مستحيل أن يقول إنسان أنا لا أنتمي لشيء في الدنيا، إنه يكذب ودليل تكذيبه أنه ينتمي إلى ذات نفسه على الأقل، ينتمي لنفسه، لأنه لا يمكن أن يكون متبرئ من نفسه وإلا لماذا يطاحن الخلق ويأكل أرزاق الناس ويقبل الرشاوى ويدفع عن نفسه التهم لأجل أن يبرئ نفسه.
إذن مسألة الحياد مسألة كاذبة، لكن المقصود من خلق الحياد العلمي ألا تنتمي إلى الإسلام وإذا كشفته وبينت ما يريد أنكر أشد الإنكار، وزعم أنه مسلم ملتزم.
هذا لو كشفته، وإن ربنا - عزوجل- قال: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ ﴾ [محمد: 30]، لحن القول: هو التورية، وما يفعله أعداؤنا معنا تلبيس كل مسألة بضدها، هو هو التورية، هو لحن القول، ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ ﴾ يريد شيئا فيظهر خلافه، هذا معنى التورية، وهي عندها جائزة في الحرب، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث سعد بن مالك، كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها، حتى لا ينكشف قصده لعدوه، وكذلك لما أراد أن يهاجر عليه الصلاة والسلام، فأردف أبا بكر خلفه وكان الناس يعرفون أبا بكر ولا يعرفون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،،فكانوا يسألون أبا بكر من هذا الذي أمامك؟ فكان يقول هادي يهديني، فهم يتصوروا يهديه في الصحراء حتى لا يضل، أي شخص يريد أن يسلك الصحراء كان يأخذ شخص ليدله على الطريق، فكان يقول: هادي يهديني، هو هادي يهديه إلى الله -عزوجل-.
ويروى أن جماعة سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مهاجر أيضا، فقال: ممن القوم؟ فقال لهم من ماء، وهو من ماء مهين، من ماء، فقال بعضهم لبعض أحياء اليمن كثيرة، ربما يكون هناك حي اسمه ماء في اليمن، فهذا هو معنى التورية، هو هذا الذي عناه الله -عزوجل- بقوله: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ ﴾.
فأعداؤنا سلكوا معنا هذا السبيل، كشف هذا المخطط يحتاج إلى ذكاء وعلم:رجل يقول قولا ويريد نقيض القول، الحياد، فيه رجل وهذا الرجل أيضا ممن حمل معول هدم أعداؤنا لا يرجون أكثر من ذلك، أن يأتي رجل ويقول أن صحيح البخاري فيه 300 حديث موضوع، 300 حديث مكذوب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري، ويقول: إن البخاري كان رجلا طيبا، وكان رجلا فاضلا وتلقائي، يضعهم بين قوسين، تلقائي أي ساذج، رجل فاضل وتلقائي، ولم يكن له دراية كبيرة بالحديث.
انظر عندما يصل التجهيل إلى هذا الحد، يعني والله ما أدري ما أقول: تجهيل بلغ الغاية القصوى، يقال البخاري لم يكن له إلمام بدراسة الحديث، لو شخص قال لسيبويه أنت لا تعرف إن الفاعل مرفوع بالضمة، هل هذا الكلام يقبل؟ أن يقول رجل إن سيبويه لا يعرف إن الفاعل مرفوع بالضمة.
فالمسألة دخلت من هذا الباب، قال "البخاري ليس بمعصوم وأنا رجل معترض اعتبرني عدو الإسلام ورجل أمامه شبهة وهذه هي التي ستدخله الإسلام، كن محايدا، اجعل البخاري جانبا، لكن هذا الكلام لست مقتنع به، اعتبرني رجل كافر، وأنا إسلامي موقوف على هذه المسألة" ويبدأ يدخل هذه المداخل، عندنا من هذا الدرب جيش، الطابور الخامس كله من نفس هذه العينة، وهناك معوقات أخرى كثيرة، لكن هذا أشد معوق وأعظمه في زمان الجهل.
ونحن ماضون إلى الله -عزوجل- نعلم أولادنا، لا تعلم ولدك الشبهة أبدا ولا المذهب المرجوح، لا تفتح عين ابنك على الخطأ بدعوى إنك أنت ترد عليه، فيه بعض الناس لما يعلم أولاده يسلك هذا المسلك وهذا خطأ.
لا تفتح عين ابنك على الخطأ بدعوى إنك ترد عليه، فيه ،بعض الناس تقول أنت تعلمه إنه يقرأ في كتب الدليل، نقول نعم والله هو قول جميل ونحن ندعو الناس إليه أن يتمسكوا بالدليل ويعولوا عليه ويطرحوا قول كل الناس كائنا من كان هذا الرجل من الناس لقول رسول -صلى الله عليه وسلم-، لكن هذا رجل يريد أن يتفقه، فأنت لماذا قلت له أدرس الكتب التي تعنى بالدليل، حتى لا يقلد.
هذه الكتب أنا لا أدل الطالب عليها في الأول لماذا؟ لأنه ببساطة لا يجوز للمبتدئ أن يدرس علم الخلاف أول ما يدرس، إنما يدرس القول الراجح ليتعبد أولا، فإذا نمت الملكة شيئا فشيئا فلكل حادث حديث.
قال الإمام البخاري في صحيحه في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ﴾ [آل عمران: 79]، قال: قيل إن الرباني هو الذي يربي بصغار العلم قبل كباره، صغار العلم يعني العلم المتفق عليه، هو الذي الجماهير اتفقت عليه، وكما قيل غذاء الكبار سم الصغار، يعني طفل صغير يرضع لو أكل لحوم يموت، لأنه معدته غير جاهزة لهضم هذا النوع من الطعام، فكذلك أنت إذا أعطيت هذا اللون من العلم العالي لشاب صغير قتله لماذا لأنه سيسوء ظنه بكل العلماء سيقول إذا كان الدليل واحدا فلماذا اختلفوا؟ أو يورثه إتباع الهوى، يقول أنا أتخير من أقوالهم ما يعجبني، وهذه نظرة كانت موجودة ولا زالت موجودة حتى الآن،.
فنحن لما نأتي نعلم شخص لا نعلمه فقه الخلاف. لكن نعلمه الفقه الراجح الذي يعينه على إقامة دينه أولا، فإذا استوي عوده واشتد، الشيخ الذي يدرس يرتقي طالب نجيب ويبدأ يعطيه، ويعطي هذا ما لا يعطي ذاك، وإلا فنحن نعظم الدليل وإذا كان الإنسان متصدر للتدريس الفقهي، فنحن ننصح أن يدرس متنا، ليس فقهيا قاله بعض العلماء ولكن يدرس كتاب أدلة، كتاب مثل كتاب بلوغ المرام، الحافظ ابن حجر، مثل كتاب ملتقى الأخبار لأبي البركات شيخ الإسلام ابن تيمية، أو يأخذ كتابا من كتب السنن أو الصحاح، يدرس صحيح البخاري، يدرس صحيح مسلم أو كتاب من الكتب السنن الأربعة، ولكن في كتب السنن الأربعة يتوخى الصحيح، لأن كتب السنن الأربعة، ليس كل ما في هذه الكتب صحيح، لكن إذا درس الدليل هذا أفضل من أن يدرس متنا فقهيا .
وأنا أقول هذا خاص بالمدرس، المدرس هو الذي يدرس فيه لأنه سينمي ملكة الطالب العلمية، إنما إذا كان الطالب سيدرس من نفسه وليس له شيء فنحن ندله على كتاب من كتب العلماء المختصرة حتى يحصل الحد الأدنى من الفقه ليتعبد به ثم فيما بعد سيتخلص، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله استقل بالفتوى بعد الستين، يعني ظل إلى سن ستين سنة ينسب حنبليا، بل هو ينسب حنبليا حتى الآن لكن الذهبي رحمه الله يقول: وله عدة سنين لا يفتي على المذهب بل بما قام به الدليل.
هذا ابن تيمية، يعني بدأ في آخر حياته يتصرف تصرف الأئمة المجتهدين الذين يصبرون عن الدليل وليس عن مجرد قول العالم، وآية ذلك عند شيخ الإسلام كتاب الاختيارات الفقهية، كتاب الاختيارات الفقهية هذه هي اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية التي خالف فيها العلماء بوصفه مجتهد، له اختيارات مثل الإمام أحمد له اختيارات، والشافعي له اختيارات، وأبو حنيفة له اختيارات، ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق كل هؤلاء لهم اختيارات ومفاريد، كذلك كان لابن تيمية رحمه الله مفاريد لكن انظر متى استقل، بعدما طابت الملكة التي عنده، طابت الآلة وطاب الفرع أيضا
فنحن لأجل ذلك عندما ندل أولادنا على التعلم ندلهم على حلقات الشيوخ، إذا لم يوجد مشايخ عندك استشير، قل أنا ابني بلغ السن كذا أريد أن أدرس له كتاب فقهي، كتاب في العقيدة، كتاب في السلوك، أي كتب تصلح، يقول لك اختار الكتاب الفلاني، أو إذا لم يكن هناك مقصود يقول لك خذ الباب كذا من كتاب كذا والباب كذا من الكتاب كذا، لكن لابد في النهاية من مشورة العالم، الرجوع إلى العالم هذا هو بدء الرجوع إلى هذا الأصل العظيم الذي نحن ندعو إليه وهو الانتماء لأنك لا تنتمي إلى العالم من حيث هو شخص ولكن من حيث هو قيمة، وأنه هو الذي يدل على دين الله تبارك وتعالى.